قلم الإرادة

كيف تريد لكويتك أن تكون؟

   الكويت وطننا الجميل ومطمع الجميع والذي نتضرع إلى المولى العلي القدير أن يحفظه من كل سوء. إلا أن كائناً من كان لا يمكنه أن ينكر الأخطار المحدقة بوطني من الداخل ومن الخارج. ولكن السؤال كيف أريد لهذا الوطن أن يكون؟

 

نحن في واقع الأمر أمام خياران لا ثالث لهما:

 

كويت خضراء جميلة عامرة بأهلها وترابطهم وتوادهم وتراحمهم وتلاحمهم، تعج بها الأبراج الحديثة، وأسماء أبنائها تتقدم قوائم المخترعين والمبدعين حول العالم في علوم الرياضيات والكيمياء والفيزياء والطب والإنسانيات، وفرقها الرياضية تنافس دائماً على الريادة، إلا أن شريحة عريضة من أبناء الكويت ما زالت تتمسك بالتراث والذي ساهمت الدولة في دعم هذا التمسك ووفرت لهم مدناً كاملة على الطراز الكويتي القديم والتي أضحت جاذبة لأبناء الكويت وزوارها، والخدمات في وطني لا تضاهيها خدمات فاحتضنت أرقى الخدمات الطبية والتعليمية والاجتماعية للمواطنين والوافدين على حد سواء، وتجارها هم الأصدق والأكثر أمانة وقناعة ولا يتعاملون إلا بأجود البضائع وأكثرها صحية، وسادت بين المواطنين سياسة نبذ الإقتراض فلا يوجد مواطن واحد مدين لمؤسسة مالية، وانتشر التطوع بين المواطنين في كل شؤون الحياة، فانقطعت ظاهرة عمال النظافة، وشوارع الكويت بدت الأكثر نظافة، فترى مواطن هنا يزرع شجرة وآخر هناك يزرع وردة وثالث هناك ينظف الشاطئ، والأهم من ذلك زوال الفوارق بين كل فئات المجتمع والتلاحم بين الحاكم والمحكوم وحرص كل منهما على مشاعر ومصلحة والآخر.

 

أما الوطن الثاني – ولا أريد أن أقول الكويت الثانية – فهو صحراء قاحلة مبانيها متهالكة وأخرى منهارة تعشش بها القطط والكلاب الضالة والقوارض، وأصوات طلقات النار والانفجارات تسمع بين الفينة والأخرى هنا وهناك، والأمن منعدم، والخدمات الأساسية بالكاد تكون موجودة، والسيارات تكاد تكون منقطعة من الشوارع، ومحطات الوقود مغلقة بسبب عدم توفر البنزين، والأسعار مرتفعة والعملة منهارة فتحتاج 120 د.ك. لشراء كيس خبز دون تاريخ صلاحية، وانتشار التخلف بين الأطفال الذين تجمعهم الساحات الخلفية للعب بكرة صنعوها من مجموعة من الملابس والأوراق اداروها حول بعضها وربطوها بخيوط بالية، وانتشار الأمراض وندرة الأدوية، وللحصول على العلاج لا بد من السفر على الدواب لدولة مجاورة، وجنسيتنا أضحت من غير المرغوب بحامليها حول العالم، وعم الفساد وانعدم النظام…

 

أعجز عن إكمال رسم هذه الصورة الغاتمة التي لا أرغب بها لوطني. فكيف تريد لكويتك أن تكون؟ وهل تريدها بالتمني أم بالقيام بما يمليه عليك ضميرك؟

الكويت تستاهل الأفضل.

 

د. عيسى حميد العنزي ـ رئيس قسم القانون الدولي في جامعة الكويت ومحامي أمام محاكم التمييز والدستورية

 

Twitter: @DrEisaAlEnezy

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى