قلم الإرادة

لا شيء سوى مؤامرة..

   نفتح أعيننا على عيوب غيرنا وننسى أنفسنا كالعادة؛ كلما جاء كلاماً عن ما يحدث في أوطاننا أو دار الحديث حول المرض الفكري الذي ينهش مجتمعنا توجه أصابع الإتهام مباشرة إلى أمريكا ودول غربية ويتم سرد انتهاكاتها لحقوق الأزمان وما فعلته من سجون كجونتناموا أو سجون أبو غريب بالعراق والبعض يذهب إلى فترات وعقود من الزمن أبعد من ذلك ليتذكر الحروب الصليبية ووحشيتها، ونظرية المؤامرة التي تضعف مجتمعاتنا وتحرص على غرقها في الظلام والجهل، كل ذلك لا أحاول أن أنكره ولا مناقشته ولكن لا يجوز أن نتستر على عيوبنا ونحمل كل أولئك المسؤولية لوحدهم فقابليتنا للتخلف والجهل هي أيضاً عار علينا وعيب أناس عادية في هذه المجتمعات تتغذى على الجهل ويروق لها ذلك، لقد كان لدينا العديد من الطغاة أمثال صدام الذي عمل المقابر والإبادات الجماعية استنكر القليل هذه الأفعال المشينة وبقي الآخرون صامتون دون أن يدلون بتعليق وفي الوقت الذي تذكر به انتهاكات حقوق الإنسان التي قامت بها تلك بلد الحريات أميركا يتم السكوت عن ما فعله صدام وغيره من طغاة العالم العربي والذين ما زالوا يمارسون ظلمهم، ولكن بالتأكيد سيأتي الجواب على هذا التساؤل من العديد بأن هؤلاء الطغاة من صُنع المؤامرة؛ ولكن ما شأن المؤامرة بشخص عادي مثلي ومثلك! ما شأن المؤامرة عندما تتشدق بأن دين الإسلام للجميع وأنت لا زلت تحمل ذلك النفس الطائفي بأن تفرق بين سنة وشيعة وتمتعض من شعائر يمارسها أصحاب مذهب مختلف عنك وتقول سراً أو حتى جهراً أولئك مشركين، ما شأن المؤامرة إن كنت تقول أن الإسلام دين التسامح وأنت لا زلت تنظر إلى أصحاب الديانات الأخرى كفرة وأعداء، ما شأن المؤامرة إن كنت لا تزال تفضل أن تغطى المرأة بالسواد من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها لأنها عورة ومخلوق ناقص! ما شأن المؤامرة بكل هذا العفن الفكري الذي تحيا به والتفرقة والعنصرية العنف والكراهية الجهل والعادات البالية!

 

   يبدو أننا لا نستطيع النظر إلى أنفسنا، وبدلاً من ذلك نصب جام غضباً من جهلنا وتخلفنا ورجعيتنا على تلك الدول المتحضرة التي تحترم الحريات وتحتضنها، فنحرص على تعقب العثرات والتفتيش عن الإنتهاكات والتجاوزات التي هي في حقيقة الأمرنقطة في بحر فسادنا وجهلنا وواقعنا الذي يكون ثمن الإنسان به أبخس من بعوضة!

 

**

 

حنان الحمادي ـ كاتبة في صحيفة الإرادة الإلكترونية

 

Twitter: @i_hanoona

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى