قلم الإرادة

دروس ما بعد الـ 21 أكتوبر

   كانت ليلة الـ 21 أكتوبر من الليالي التاريخية التي أتخمتها الأحداث، إلا أنها ليلة طواها الزمان وأصبحت في عداد الماضي ومرت بسرعة وبالمقارنة بما حصل حولنا دون خسائر جسيمة وذلك بفضل الله ثم بفضل دعاء حجاجنا في الحرم الطاهر، إلا أن الأهم هو ما تعلمناه وما تحقق، والذي لا يخرج عما يلي:

1) كما عهدنا صاحب السمو فإنه مراقب جيد للأحداث، وعلى الرغم من حلمه وحنكته إلا أنه يملك حسن التقدير في أنسب الأوقات للتدخل وحدود هذا التدخل، وقدرته الفائقة على امتصاص أي امتعاض من القرارات السيادية وإحالته إلى رضى ودعم.

2) توثق عرى العلاقات وتوطدها بين الحاكم والمحكوم وأضحت أكثر حميمية، وبات تردد المواطنين واستقبالهم في دار سلوى شبه يومي، وعاد تبادل الشجون بين الحاكم والمحكوم دون حواجز أو عوائق أو واسطة، الأمر الذي يلجم أفواه المتربصين بدولة الكويت ويشككون في علاقة أبنائها بوالدهم.

3) أثبت الشعب الكويتي أنه بخلاف ما يعتقد الجميع بأنه مرفه ومنعم ولا يملك القدرة على الخروج حتى لإبداء الرأي، إلا أنه خرج بأطيافه وألوانه وبشكل منظم وسلمي وراقي ليمارس الحق الذي كفله إياه الدستور بممارسة الحق بالتعبير والتجمع والاجتماع.

4) مارست قوات الأمن تمريناً حياً استخدمت خلاله خبراتها وإمكاناتها وتقنياتها وأثبتت جدارتها وقدرتها على مواجهة أية محاولات مستقبلية للتدخل الخارجي بشؤون دولة الكويت الداخلية سواء إنطلاقاً من بنيد القار أو جليب الشيوخ.

5) بعد أن كان الناس أمام القانون كأسنان التمساح، أصبحوا اليوم سواسية أمام القانون كأسنان المشط، مما يبشر بأن الأيام الخوالي للتعدي على القانون والمال العام أضحت في خبر كان وأخواتها.

6) أثناء هذه الليلة ظهر تلاحم وتقارب لطالما افتقدناه بين أبناء هذا الوطن، وانتشر المتطوعون في كل زاوية من أطباء ومنظمين ومراقبين حقوقيين ومحامين، فكان الكل يمد يد العون والمساعدة للكل دون أن يسأله أأنت شيعي أم سني، بدوي أم حضري، شمالي أم جنوبي، وشهدته بأم عيني في مخفر شرق.

7) إجماع المشاركين في التجمع وغير المشاركين على رفض أية محاولات للصيد في المياه العكرة، وتشويه العلاقة الحميمة بين الحاكم (صاحب السمو أمير البلاد) والمحكوم (الشعب الكويت بأطيافه ومشاربه) أو المساس بصلاحيات الأمير حفظه الله. ولا أدل على ذلك من رفض الطبطبائي الذي قضى تلك الليلة محجوزاً في مخفر شرق رفضه لما ورد على لسان الشيخ العريفي مما قد يفسر على أنه مساس برأس هذا الوطن، فللاختلاف حدود بين أهل الكويت لا يمكن تجاوزها.

عيدك مبارك ياوطن (أنا وربعي كل أبونا جماعة – الدين واحد والهدف خدمة الشعب).

 

د. عيسى حميد العنزي ـ رئيس قسم القانون الدولي في جامعة الكويت ومحامي أمام محاكم التمييز والدستورية

 

Twitter: @DrEisaAlEnezy

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى