بعد المنبر والتقدمي.. أحمد السعدون: لا لقانون الإعلام الإلكتروني
صرح رئيس مجلس الأمة السابق أحمد عبد العزيز السعدون تصريحاً مطولاً جاء كالآتي:
لم يكن المشرع الدستوري “يلغو” عندما أورد في المادة ١٧٥ من الدستور على أن: “الأحكام الخاصة بالنظام الأميري للكويت وبمبادئ الحرية والمساواة المنصوص عليها في هذا الدستور لا يجوز اقتراح تنقيحها، ما لم يكن التنقيح خاصا بلقب الإمارة أو “””بالمزيد من ضمانات الحرية والمساواة.”””
وإنما أراد التأكيد على أهمية التلازم وعلى قدم المساواة بالمحافظة على الأحكام الخاصة بالنظام الأميري للكويت إلا ما تعلق في شأنها بلقب الإمارة، وبالمحافظة على مبادئ الحرية والمساواة المنصوص عليها في هذا الدستور إلا إذا كان ذلك: “”” بالمزيد من ضمانات الحرية والمساواة””” .
ثم أكد المشرع الدستوري على هذا النهج عندما أورد في المادة ١٨٠ من الدستور على أن:
كل ما قررته القوانين واللوائح والمراسيم والأوامر والقرارات المعمول بها عند العمل بهذا الدستور يظل سارياً ما لم يعدل أو يلغ وفقا للنظام المقرر بهذا الدستور، “””وبشرط ألا يتعارض مع نص من نصوصه.”””
ثم جاءت المحكمة الدستورية لتؤكد على كل ذلك في حكمها الذي أصدرته بتاريخ ٢٠٠٦/٥/١ في شأن قانون التجمعات والذي كان من ضمن ما ورد في حيثياته ما يلي:
“”” وحيث إنه متى كان ما تقدم جميعه”””
“” وكان الأصل أن حريـات وحقـوق الإنسان لا يستقل أي مشرع بإنشائها””
“” بل انه فيما يضعه من قواعد في شأنها لا يعدو أن يكون كاشفاً عن حقـوق طبيعية أصيلة””
“”ولا ريب في أن الناس أحرار بالفطرة ، ولهم آراؤهم وأفكارهم، وهم أحرار في الغدو والرواح ، فرادى ومجتمعين، وفي التفرق والتجمع مهما كان عددهم ما دام عملهم لا يضر بالأخرين “”
“” وقد غدت حريات وحقوق الإنسان جزءاً من الضمير العالمي واستقرت في الوجدان الإنساني ، وحرصت النظم الديمقراطية على حمايتها وتوفير ضماناتها””
“” كما درجت الدساتير على إيرادها ضمن نصوصها تبصيراً للناس بها “”
“”ويكون ذلك قيداً على المشرع لا يتعداه فيما يسنه من أحكام “”
“” وقد تطورت هذه الحريات فأضحت نظاماً اجتماعياً وحقاً للأفراد ضرورياً للمجتمعات المدنية لا يجوز التفريط فيه أو التضحية به إلا فيما تمليه موجبات الضرورة ومقتضيات الصالـح المشترك للمجتمع “”
“” والحاصل أن الحريات العامة إنما ترتبط بعضها ببعض برباط وثيق بحيث إذا تعطلت إحداها تعطلت سائر الحريات الأخرى ، فهي تتساند جميعاً وتتضافر ولا يجوز تجزئتها أو فصلها أو عزلها عن بعضها ، كما أن ضمانها في مجموع عناصرها ومكوناتها لازم ، وهي في حياة الأمم أداة لارتقائها وتقدمها ، ومن الدعامات الأساسية التي لا يقوم أي نظام ديمقراطي بدونها ، كما تؤسس الدول على ضوئها مجتمعاتها ، دعماً لتفاعـل مواطنيها معها ، بما يكفـل توثيـق روابطها ، وتطويـر بنيانها ، وتعميق حرياتها.””
“”وحيث إن الدستور فيما نص عليه في المادة (6) من أن نظام الحكم في الكويت ديمقراطي والسيادة فيه للأمة ، ردد في نصوص مواده وفي أكثر من موضع الأحكام والمبادئ التي تحدد مفهوم الديمقراطية التي تلمس طريقها خياراً ، وتشكل معالم المجتمع الذي ينشده سواء ما اتصل منها بتوكيد السيادة الشعبية وهي جوهر الديمقراطية ، أو بكفالة الحريات والحقوق العامة وهى هدفها ، أو بالمشاركة في ممارسة السلطة وهى وسيلتها””
“”كما ألقت المذكرة التفسيرية للدستور بظلالها على دور رقابة الرأي العام ، وأن الحكم الديمقراطي يأخذ بيدها ، ويوفر مقوماتها وضماناتها ، وأن هذه الرقابة تمثل العمود الفقري في شعبية الحكم “”
“” حيث أوردت المذكرة التفسيرية في هذا المقام أن<< هذه المقومات والضمانات في مجموعها هي التي تفيء على المواطنين بحبوحة من الحرية السياسية ، فتكفل لهم ـ إلى جانب حق الانتخاب السياسي ـ مختلف مقومات الحرية الشخصية ( في المواد 30و31و32و33و34 من الدستور ) وحرية العقيدة (المادة 35) وحرية الرأي (المادة36) وحريـة الصحافـة والطباعـة والنشر (المادة 37) وحرية المراسلة (المادة 39) وحرية تكوين الجمعيات والنقابات (المادة43) وحرية الاجتماع الخاص وعقد الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات (المادة 44) وحق تقديم العرائض إلى السلطات العامة (المادة 45) وفي جو مليء بهذه الحريات ينمو حتماً الوعي السياسي ويقوى الرأي العام . . . >> .””
“”وإذ كان الأمر كذلك ، وكان مبدأ السيادة الشعبية ـ جوهـر الديمقراطية وعمادها ـ لازمه أن يكون للشعب ممثلاً في نوابه بالمجلس النيابي الكلمة الحرة فيما يعرض عليه من شئون عامة””
“” وأن يكون لأفراد الشعب أيضاً رقابة شعبية فعالة يمارسها بالرأي الحر ، مما يغدو معه الحق في الرقابة الشعبية فرعاً من حرية التعبير ، ونتاجاً لها “”
“” فلا يجوز والأمر كذلك وضع قيود على هذا الحق على غير مقتض من طبيعته ومتطلبات ممارسته ، ومصادرة هذه الحرية أو فصلها عن أدواتها ووسائل مباشرتها ، وإلا عد ذلك هدماً للديمقراطية في محتواها المقرر في الدستور .””
“”وحيث إن حق الاجتماع بما يعنيه من مكنة الأفراد في التجمع في مكان ما فترة من الوقـت للتعبير عن أرائهـم فيمـا يعـن لهـم من مسائـل تهمهم ، وما يـرمي إليه ـ بالوسائل السلمية ـ من تكوين إطار يضمهم لتبادل الفكر وتمحيص الرأي بالحوار أو النقاش أو الجـدال توصلاً من خلال تفاعل الآراء إلى أعظمها سداداً ونفعاً ، هذا الحق سواء كان مستقلاً عن غيره من الحقوق ، أو بالنظر إلى أن حرية التعبير تشتمل عليه باعتباره كافلاً لأهم قنواتها محققاً من خلالها أهدافها “”
“” فإنه لا يجوز نقضه لما من شأن ذلك أن يقوض الأسس التي لا يقوم بدونها نظام للحكم يكون مستنداً إلى الإرادة الشعبية .””
“”ولما كان ذلك ، وكان الدستور قد كفل للأفراد حرياتهم في الاجتماعات الخاصة دون أن يخضعها لأي تنظيم لتعلقها بحرية حياتهم الخاصة ، وذلك دون حاجة لهم إلى إذن سابق ، أو إشعار أي جهة بها مقدماً ،
“” ولا يجوز لقوات الأمن إقحام نفسها على هذه الاجتماعات إلا إذا كان الأمر متعلقاً بارتكاب جريمة من الجرائم المعاقب عليها قانوناً جرى الإبلاغ عنها””
“” أما بالنسبة للاجتماعات العامة فقد أباحها الدستور وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون ، على أن تكون أغراض الاجتماع ووسائله سلمية ، وأن تكون ممارسة هذا الحق في إطار التزام الأفراد بواجبهم العام بمراعاة الحفاظ على النظام العام والآداب العامة على النحو الذي تطلبه الدستور في المادة (49)””
“” وإنه ولئن عهد الدستور جانب التنظيم في شأن هذه الاجتماعات إلى القانون ، إلا انه ينبغي ألا يتضمن هذا التنظيم الإخلال بهذا الحق أو الانتقاص منه وأن يلتزم بالحدود والضوابط التي نص عليها الدستور””
“” فإن جاوزه إلى حد إهدار الحق ، أو تعطيل جوهره أو تجريده من خصائصه أو تقييد آثاره أو خرج عن الحدود والضوابط التي نص عليها الدستور وقع القانون ـ فيما تجاوز فيه دائرة التنظيم ـ مخالفاً للدستور .”” (انتهى الاقتباس)
وإذا كانت مسؤولية التصدي لما يجري من محاولات لانتهاك الدستور والتعدي على مبادئ الحرية والمساواة التي حظر الدستور المساس بها إلا بالمزيد من ضمانات الحرية والمساواة هي مسؤولية يتحملها كل مواطن ، فإن مسؤولية كافة القوى الطلابية وفي مقدمتها الإتحاد الوطني لطلبة الكويت علاوة على كافة ناشري الصحف الالكترونية والمدونين والمغردين وكل من له علاقة في خدمات التواصل الاجتماعي واستخدام الإنترنت الذين كانت مساهمتهم كبرى في كسر احتكار حق التعبير عن الرأي – مما أزعج قوى الاحتكار والفساد – تأتي في الصدارة لمواجهة هذه الانتهاكات لأحكام الدستور وإسقاط هذه المحاولات المشبوهة في التعدي على مبادئ الحرية والمساواة ووأدها في مهدها.
ولعل قرار المحكمة الدستورية في جلستها المعقودة يوم الأربعاء ٢٠١٤/١٢/١٠ بإعادة فتح باب المرافعة في الطعن بعدم دستورية المادة (34) فقرة (1) من القانون رقم (31) لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء، وبعدم دستورية المادة (1/12، 16، 20) من القانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات، مما يمكن إن يؤدي بإذن الله للتأكيد على الالتزام بأحكام الدستور ولا سيما أحكام المواد ١٧٥ و ١٨٠ منه وذلك وفقا لما سبق أن انتهت إليه المحكمة الدستورية في حكمها السالف الإشارة إليه الصادر بتاريخ ٢٠٠٦/٥/١ وخاصة ما يلي منه:
“” وكان الأصل أن حريـات وحقـوق الإنسان لا يستقل أي مشرع بإنشائها””
“” بل انه فيما يضعه من قواعد في شأنها لا يعدو أن يكون كاشفاً عن حقـوق طبيعية أصيلة””
“” والحاصل أن الحريات العامة إنما ترتبط بعضها ببعض برباط وثيق بحيث إذا تعطلت إحداها تعطلت سائر الحريات الأخرى ، فهي تتساند جميعاً وتتضافر ولا يجوز تجزئتها أو فصلها أو عزلها عن بعضها ، كما أن ضمانها في مجموع عناصرها ومكوناتها لازم ، وهي في حياة الأمم أداة لارتقائها وتقدمها ، ومن الدعامات الأساسية التي لا يقوم أي نظام ديمقراطي بدونها ، كما تؤسس الدول على ضوئها مجتمعاتها ، دعماً لتفاعـل مواطنيها معها ، بما يكفـل توثيـق روابطها ، وتطويـر بنيانها ، وتعميق حرياتها.””
لا لانتهاك الدستور،
لا للتعدي على “مبادئ الحرية والمساواة”
لا لقوانين:
#تكميم_العمل_الطلابي
#الإعلام_الالكتروني