الموت ظلماً ..أمْـر رهيب
في بلاد عظيمة مثل الكويت الحبيبة لا أعتقد أن يموت أحداً من الجوع بسبب عدم حصوله على الطعام أو يموت بعدم حصولة على المشرب ولكن هناك أناس يموتون جوعاً من نوع آخر جوع فتاك ورهيب وهو جوع الكرامة والإنسانية يؤدي إلى الموت الظاهري بسب الظلم والقهر، وجوعاً رهيباً بسبب عدم العدالة والتميز والإنصاف.
هناك فئة كبيرة تعيش في هذا البلد العظيم تعاني من أشد أنواع الجوع وأخطرها وأشرسها على الإطلاق ألا وهي فئة غير محددي الجنسية “البدون” الذين عاشوا في الكويت منذ عشرات السنين وقد ضحى آبائهم بأرواحهم في سبيل الدفاع عن كيان وسلامة الكويت ومنهم من مات شهيداً ومنهم من مات قهراً وظلماً وترك خلفة أبناء وبنات لا يعرفون مصيرهم ويعانون أشد أنواع القهر والذل والحرمان .
قضية البدون مأساة إنسانية كبيرة يجب الاهتمام بها ومعالجتها والقضاء عليها وهي لا تحتاج سوى قراراً حاسماً ومنصفاً وعدم ترك القضية للأهواء الشخصية والتكسبات السياسية؛ بل يجب إعطاء كل ذي حق حقه وأنصاف أبناء من عمل وضحى وشارك في بناء الكويت والدفاع عنها وحفظ أمنها.
إن الموت ظُلماً أمرٌ رهيب وهذة الفئة قد عانت شتى أنواع الظلم والقهر حيث لا يجدون وسيلة عمل مناسبة ويعانون من تعسف الإجراءات الحكومية المجحفة بحقهم بحرمانهم من التعليم والتوظيف والعلاج والزواج والسكن والاستقرار وهذا نوعاً محرماً من الجوع وهو ضد العدالة والإنسانية.
إن حل القضية البدون له تأثير إيجابي على المجتمع فهناك الكثير من أبناء البدون حاصلين على شهادات علمية عالية ومنهم من دفع حياته في سبيل الوطن ومنهم من خدم سنوات طويلة في السلك العسكري حفاظاً على الكويت وأمنها واستقرارها وكثيراً منهم من عمل في مجالات أخرى وحافظ على الإقامة بالبلاد منذ لا يقل عن 50 سنة فكل هؤلاء يستحقون شرف المواطنة والتجنس.
أملنا كبير وبعون من الله وتوفيقه وجهود الحكومة والبرلمان وجمعيات النفع العام في حل تلك المأساة وإنصاف أبنائها وإنهاء تلك المعاناة والكارثة الإنسانية الكبيرة بعيداً عن التكسب السياسي والانتخابي.
وفي بلد يعتبر من أغنى بلاد العالم ولكن تجتاحه مجاعة من نوع آخر فبالجهود نقضي على هذه المجاعة الإنسانية الفتاكة ولا ننتظر أن يسود الجوع والقهر والظلم فالموت ظلماً أمر رهيب…
**
دالي محمد الخمسان ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @bnder22