قلم الإرادة

الفرق بين فيليكس ومرسي

   تابعت مثل ملايين البشر ما قام به المغامر النمساوي (فيليكس) من عمل يعد أحد عجائب الدنيا في العصر الحديث فقد قرر هذا الرجل أن يخرج خارج إطار الكرة الارضية بالكامل ثم يعود إليها قفزاً وكأنه يقول للكرة الأرضية بالكامل لقد سخرك الله لي أنا ولن تستطيعي قهري أو منعي من أن أكون أنا أنا.

 

لقد تعرض المغامر الفذ إلى الكثير من المعارضة من علماء الأرض بالكامل وبالإجماع على أن ما يقدم عليه هذا الرجل ماهو إلا انتحار بأسلوب جديد ومخيف في نفس الوقت فحينما يقع على سمعك أن هناك آدمي سوف يخرج إلى الفضاء ويعود إلى الأرض قفزاً سينمو إلى ذهنك فكرة واحدة وهي أن هذا الرجل إما أنه مجنون أو انه ليس إلا كائن فضائي في صورة آدمي حتى أن أعتى علماء أميركا وأوروبا لم يخطر ببالهم أن يجربوا مثل هذه التجربة على روبوت من روبوتاتهم ـ علماء الفلك والجيولوجيا والرياضيات والفيزياء والطب البشري أجمعوا على رأي واحد وهو أن هذا الرجل إلى فناء حتمي وسريع؛ بل أسرع من الصوت نفسه.

 

هنا كان رد فعل المغامر مغامرة في حد ذاته حينما قرر أنه سيقوم بالقفزة وسوف ينجح في الوصول إلى الأرض دون أي خسائر وستكون هذه القفزة حديث الكرة الأرضية لسنوات عديدة إلى أن يشاء الله بفعل أكبر وأغرب من هذا الذي قام به فيليكس.

 

نأتي هنا إلى الرئيس مرسي الذي لم ولن يفكر في القفز حتى من أعلى رصيف بالجمهورية ولكن الأمر أسهل وأيسر من ذلك بكثير ـ فالمقارنة هنا ليست في الفعل؛ بل المقارنة هنا في اتخاذ القرار رغم كل الموانع والعقبات التي يتعرض لها على حد قوله وقول جماعته.

 

لم يجرؤ السيد الرئيس على اتخاذ قرار واحد صائب اللهم إلا قرار تمسكه بصلاحياته وإلغائه الإعلان الدستوري المكمل، غير ذلك لم نجد قرار واحد صائب لمصلحة الشعب والبلد والحجة التي يتمسكون بها أنه محاط بكثير من المعارضين والمنتقدين، فهل هذا المغامر لم يتعرض للمعارضة؟ هل هذا المغامر لم يتعرض للانتقاد هل رضخ للمعوقات التي تقف في سبيل تحقيق حلمه أو هدفه؟

 

ماذا فعل مرسي بمعارضيه إلى الآن؟ فقد تعرض جزء منهم للمساءلة القانونية والآخرين يتعرضون كل يوم وليلة لتشويه سمعتهم وتاريخهم وجزء آخر وهم الفئة الأكبر يتعرضون للضرب والسحل على أيدي الجماعة المحظورة في وضح النهار وفي أعظم وأنبل وأطهر ميدان من ميادين المحروسة، كل هذا بسبب أن القاعدة العريضة من الشعب لا تؤيد مرسي وغير راضية عن قراراته وتوجهاته هو وحكومته.

 

فيليكس لم يتفوه ببنت شفه على شخص واحد من معارضيه ووصفه مثلاً بأنه جبان؛ لأنه لم يقف بجانبه ويشجعه على هذا العمل العجيب لم يقول لمنتقديه أنهم ممتلئين بالحقد والكراهية لكونهم ينتقدون فقط، لم يصدر من الرجل أي رد فعل إلا أنه كان مصمم على هدفه ومتأكد من قدراته ومهاراته التي جعلته يقف وحيداً أمام علماء الأرض جميعاً.

 

أما الجماعة المحظورة فلا تتورع في إلقاء التهم والافتراءات ورمي الناس بالكفر والعماله والارتداد عن الدين لمجرد معارضتهم لمرسي ـ كل من يعارض أو ينتقد فهو ضد الإسلام ولا يريد لمصر الخير إما أنه فلول أو إنه كافر ومرتد ويحل دمه.

 

أتمنى أن أرى للرئيس مغامرة مثل التي تابعناها وشاهدناها مع باقي سكان الأرض والمقصود هنا ليس القفز بالطبع ولكن نريد مغامرة محسوبة ومدروسة تخرج مصر من أزمتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، تجعل مصر في مصاف الدول الكبرى وهذا هو وضعها الطبيعي، مغامرة تجمع المصريين بكل أطيافهم على قلب رجل واحد، مغامرة تصنع مشروع قومي يلتف حوله المصريين مغامرة تقضي على العشوائيات والمرض والفقر، مغامرة تقضي على أطفال الشوارع وانتهاك حقوق المرأة والأقليات، مغامرة توفر للشباب فرص عمل وتفتح آفاق الاستثمار الحقيقي في البلاد، مغامرة يكون نتيجتها تطوير التعليم والصحة والإسكان وتوفر الكهرباء والطاقة وتعيد الأمن وتنظم المرور في شوارع مصر، مغامرة تكون صادمة وملهمة ليس لها مذاق ديني ولا علماني، مغامرة ذات طابع مصري خالص تناسب كل شعب مصر مسلم ومسيحي لا تفرق بين المصريين ولا تقسمهم إلى فرق، نتمنى من الله أن يمن علينا بهذه المغامرة على يد مرسي أو غيره.

 

نريد فيليكس المصري الذي يعود إلى الأرض وهو يحمل الخير لمصر كما يتخذ الحزب الحاكم من شعار له حزب الحرية والعدالة الذي اتخذ هذا الشعار ولم نجد من شعاره ولا اسمه شيء إلى الآن، فلا توجد حرية ولا توجد عدالة ولم ترى مصر الخير الذي يحملونه لها إلى الآن.

 

مصر مليئة بالخير والخيرات، خيرها في رجالها وجنودها وشعبها الصبور، مصر بها آلاف المغامرين الذين ينتظرون أن يحترم من بيده الحكم أفكارهم ولا يصنفهم على أساس ديني أو أيدولوجي يمنحهم الفرصة للمغامرة، يمنحهم الفرصة حتى للحلم خارج الإطار، فسنجد من بينهم فيليكس مصري يمكنه أن يضع مصر في حجمها الطبيعي بين كبريات الدول والأمم، لا نملك إلا الدعاء لكي ننجو بمصرنا من الاضطهاد الديني والأيدولوجي الذي ظهر جلياً يوم الجمعة الماضي بميدان التحرير.

 

الشعب يريد فيليكس المصري !

 

محمد سمير ـ كاتب مصري

 

Twitter: @Momo202005

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى