قلم الإرادة

وداعاً مجلس مرزوق

   ذكرت سابقاً في أحد اللقاءات التلفزيونية عقب تشكل المجلس الحالي أنه سيكون مجلس للتجار ولتمرير بعض القوانين التي تصب في صالح التجار على الأغلب. وبنيت هذه الرأي على معطيات أهمها أن هذا المجلس جاء بعد مجلساً حكومياً بامتياز وهو مجلس علي الراشد ذاك المجلس  الذي  أدى واجبه تجاه الحكومة على أكمل وجه ثم ذهب مع الريح غير مأسوفاً عليه. ومن طبيعة التجار ولا أقصد الكل طبعاً بل الذين لا يتعدون أصابع اليد العشرة أو السبعة أنهم لا يرون كيكة أو صيدة إلا ويطلبون حقهم فيها. فجاء مجلس مرزوق تحقيقاً لذلك. ومع ذلك أحسنا الظن بمرزوق وتفاءلنا بالخير واعتقدنا أن قيادته الشابة ستنقل الكويت لتنافس شبابية الإدارة الإمارتية أو القطرية على الأقل. ولكنه للأسف لم يفعل سوى الاستفتاء واستقراء الرأي والذي كنت قد أوردته في برنامجي الانتخابي مرتين. ولم يشر لمصدره كغيره من المشاريع والأفكار التي سرقت مني سابقاً كمؤتمر الشباب، ولجان أو هيئة الطوارئ وغيرها الكثير من المشاريع التي تسرق مني ومن غيري من المواطنين وأصحاب العقول والأفكار الإبداعية، وتوعز لغير صاحبها. فغير مبدأ استقراء الرأي لا نجد إنجازاً يذكر. كما أن المجلس لم يسير على الأولويات التي طالب بها الشعب بحسب استفتاؤكم يا سيادة الرئيس.

 

   ليعلم السيد رئيس مجلس الأمة / مرزوق الغانم بأن الشعب هو مصدر شرعية هذا المجلس وغيره من المجالس السابقة واللاحقة. والناس هم من أوصلوه وأوصلوا زملاؤه الأعضاء الصامتين بحسب تقرير ورصد جمعية تقييم الأداء البرلماني. التي اثبتت صمت ثلث الاعضاء وتكلم الثلث الآخر على استحياء وأنصح بالرجوع لموقعهم لمعرفة مقصدي ومرجعي فيما ما أدعيه من أداء غير مرضى لغالبية أعضاء المجلس. 

 

   ليعلم السيد مرزوق الغانم أن مجالس الأمة تسقط بالكويت بالدواوين قبل أن تسقط بالمحاكم الدستورية أو تحل. وإن رأي الناس بأداؤكم يجب أن يحترم ويبحث فيه وبأسبابه بدلاً من أن تتوعد بملاحقة الناقدين.  للأسف يا رئيس مجلس الأمة إن تعاليك على الناس وعدم نضجك  السياسي قد ألحق بك وبمجلسك بالغ الضرر. فقد تجاوزت الخطوط الحمراء. سواء مع الأسرة أو الشعب.  والكل يعرف مقصدي. فقد اقحمت بيت الأمة في صراعاتكم الشخصية. وانشغلت بتصفية الحسابات على الإنجاز والعمل باعتقادي.

 

  أما رأينا كشعب في أداؤكم لا يملك أحداً أن يمنعنا من إبدائه خاصة إن كان لا يحمل التجريح أو الإهانة الشخصية.

 

   نحن نعلم أن هذا المجلس الصامت لم ولن يقدم للشعب ما يرنو إليه. فلماذا تطويل المسألة أكثر من ذلك؟

 

   ألا يكفي الحكومة والمجلس كل هذا الفترة  من استفراد بالقرارات وتضييع للأوقات. جربنا الحكومة ثلاث سنوات بعد ضمور المعارضة وتلاشي أثرها على الساحة. ثلاث أعوام وهم يملكون زمام الأمور بعدما كانوا يتحججون بما يسمى المعارضة وإنهم سبب تأخر البلد والمشاريع والتنمية. وبعد خلو الساحة لهم ثلاث أعوام لم نجد سوى المزيد من التقهقر والتراجع والمزيد من خيبة الأمل للوطن والمواطنين. كأنهم يريدون أن يعود الناس لدعم المعارضة، نعم الناس تتعلق بالأمل وبمن يرفع شعار العمل والإصلاح. وقد يقول البعض إن 3 سنوات غير كافية. ونقول كافية لمن يعمل بجد وإخلاص لوطنه وغير كافية لأصحاب البيات الصيفي. والنائمين والمهتمين بالمواسم الصيفية  وأقصد بالبيات الصيفي هي الفترة الممتدة من آخر شهر 6 إلى منتصف 10. هذه الفترة الميتة التي لا ينجز فيها شيء يذكر ولا تقبل المشاريع  ولا ينظر في القرارات الاستراتيجية  أو الخطط إن وجدت هذه الخطط. كيف سيكون هناك إنجاز والخطط غير سليمة! كيف سيكون هناك إنجاز وثلث العام ميت في فترة الصيف! كيف سيكون هناك إنجاز والجميع مشغولون بتصفية الحسابات مع الطرف الضعيف! كيف سيكون إنجاز بدون تشجيع ومكافأة للشباب المنتج وتوفير البيئة للمبدعين!

 

   كفانا مؤتمرات تنعقد لتغطية هذا البطء في الإنجاز. كفانا مؤتمرات تعقد لذر الرماد بالعيون. كفانا مؤتمرات تعقد لاستنفاع بطانة المسؤولين ومن حولهم. كفانا ندوات ومؤتمرات لا يعمل بنتائجها وتوصياتها.

 

العمل والإنجاز يرى الناس أثره على أرض الواقع ويتلمسونه في حياتهم ولا يحتاج إلى تلميع وإعلانات ومؤتمرات.

 

أعود وأكرر إن ما كررته في عدة لقاءات ومقالات الكويت ينقصها أمرين لتنهض:

 

1- وضع الرجل المناسب في المكان المناسب. (وهو أمر يحتاج لإخلاص ومعايير واضحة ومدروسة لكل منصب والبدأ من أعلاها لأسفلها)

 

2- تحقيق مبدأ الثواب والعقاب على الجميع ومحاسبة المخطأ مهما كان منصبه حساباً يناسب خطأه. ومكافأة المحسن وإن صغر منصبه. 

وبقية الأمور تأتي تبعاً لهذين المبدأين. ولو بحثنا يميناً وشمالاً وفي التاريخ الحديث والقديم سنجد الدول تنهض بهذين المبدأين. فرجل واحد قد يغيير الكثير ولكن على صاحب الأمر إن يتعب في البحث عنه. فكما قال عليه الصلاة والسلام: الناس كإبل مئة لا تكاد تجد فيها راحلة.

 

   لأي من 100 بعير ستجد واحدة تنفع أن يحمل عليها. وكذلك الناس 1 من 100 ينفع ويعتمد عليه ويتحمل المسؤولية بحق. وبقية المئة منفذين أو متفرجين أو محبطين أو مفسدين.

 

وعودة على مجلس التجار أقول سيطوى التاريخ صفحتكم كما فعل بأسلافكم من قبل. وغداً لناظره قريب.

 

**

 

يحيى الدخيل ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية

 

Twitter: @Aldakheel7

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى