أخطأ مرسي وأصاب صاحب السمو
لقد فاجأ الرئيس المصري محمد مرسي الجميع بإقالة النائب العام المصري وتعيينه سفيراً في الفاتيكان، وتأتي المفاجأة إثر قرار النائب العام بانعدام الجريمة في حق المتهمين في معركة الجمل التي راح ضحيتها العديد من الأبرياء، مما يوحي بأن هذا القرار لم يلق قبول الرئيس المصري محمد مرسي أو من يؤثر على قراراته من أفراد أو أحزاب، وذلك على الرغم من أن مثل هذه الإدانات لا تبنى على الشك والتخمين وإنما على الجزم واليقين.
ولا شك أن الرئيس المصري أصاب من وجهة نظر البعض عندما أحال بعض أعضاء المجلس العسكري للتقاعد، وتأتي هذه الإصابة والقبول من وجهة نظر البعض إلى حقيقة أن حكم العسكر هو خروج على الأصل العام (الحكم المدني) وبالتالي فإن إقالة بعض أعضاء المجلس العسكري هو عودة حميدة إلى الأصل العام الذي لاقى قبولاً لدى الكثير من المتابعين للشأن المصري.
إلا أن مرفق القضاء هو مرفق مختلف تماماً عن المؤسسة العسكرية، فباستقلال القضاء واستقامته تستقيم كل الأمور في البلاد، وبانحيازه وفساده تفسد كل الأمور ويختل ميزان العدل. ولولا اتزان مرفق القضاء وحياده في المحروسة لما رأينا الرئيس مرسي يحكم اليوم، حيث كاد الجميع أن يجزم في جلسة إعلان نتائج الانتخابات المصرية التي أشرف عليها القضاء المصري أن النتائج لن تكون لصالح مرشح الإخوان (محمد مرسي)، إلا أن القضاء لم يفرق بين مرشحي الإخوان وسواهم فالكل سواسية أمام القانون، فكان حرياً بجميع المصريين وعلى الأخص الإخوان الوقوف إجلالاً واحتراماً لموضوعية هذا القضاء. وقفة إجلال مع الأسف لم يقفها الرئيس مرسي حين أقال النائب العام المصري وعينه – بهدف إزاحته عن طريق مخطط استيلاء الإخوان على المؤسسات الحيوية بمصر– سفيراً في الفاتيكان خاصة وأنها مجرد دولة رمزية لا قانونية ولا ثقل سياسي لها في العلاقات الدولية.
على عكس هذا الاخفاق في التعامل مع مرفق القضاء، أصاب صاحب السمو الذي يؤكد على الدوام استقلال مرفق القضاء ويرفض التدخل في شؤونه حتى في القضايا والأحكام التي تتعلق ببعض أفراد الأسرة، وتعامل سموه مع النائب العام ضرار العسعوسي كان مميزاً حين استدعى الأخير وأقنعه بالعدول عن استقالة تقدم بها، وأكد سموه على استمرار دعمه اللا محدود لمرفق القضاء واستقلاله عموماً والنائب العام خصوصاً.
نعم لقد أخطأ مرسي وأصاب صاحب السمو في التعامل مع القضاء والتدخل في شؤونه.
اللهم أدم نعمة الأمن والأمان على وطني الكويت وسائر بلاد المسلمين.
د. عيسى حميد العنزي ـ رئيس قسم القانون الدولي في جامعة الكويت ومحامي أمام محاكم التمييز والدستورية
Twitter: @DrEisaAlEnezy