قلم الإرادة

براءة الجمل من دماء الشهداء‏

براءة الجمل من الموقعة:

 

   حكمت المحكمة الجنائية ببراءة كل المتهمين بقتل الثوار المصريين في أوائل أيام الثورة المجيدة لعدم وجود أدلة تدين المتهمين في جريمة تعرف باسم موقعة الجمل وبعد هذا الحكم الذي جاء ليكمل سلسة البراءات التي حكمت بها محكمة تلو الأخرى في كل قضايا القتل الخاصة بالثوار أصبح لدينا بريء واحد بحق وهو (الجمل) نفسه الذي التصقت باسمه هذه الجريمة الشنعاء دون أن يقترف أي خطأ أو يتجرأ على فعل مثل ما قام به من يعتلي سنام هذا الجمل.

 

اعتذار واجب وضروري لابد أن يتقدم به كل ثوار وشباب مصر للجمل الذي ظل طيلة هذه المدة يلصق اسمه بجريمة راح ضحيتها خيرة شباب مصر سالت دماؤهم بفعل فاعل عثرنا عليه ولم نعثر على أدلة إدانته استطعنا في عشية وضحاها أن نلقي القبض على كل الجناة وأعوانهم ولم نستطيع أن نجمع ولو دليل واحد يبرئ الجمل ويدين من استخدمه.

 

لن أتكلم هنا عن الفيديوهات والصور التي رأتها هيئة المحكمة الموقرة لأنها في حد ذاتها وبعد أن أصبح كل شيء مزيف في بلدنا لم تكن دليل ساطع وقاطع لإدانة الجناة – بل والأعتى من ذلك أن أحد هؤلاء الجناة كان ولا زال هارباً هو وابنه وابن أخته وهذا في حد ذاته يعتبر دليل إدانة لم نستطع حتى استخدامه لصالحنا في القضية هذا الجاني هو أحد أراجوزات الزمن البائد وللأسف هو ابن شرعي لمؤسسة القضاء النزيهة!!

 

معذرةً أيها الجمل وأتمنى أن تتقبل اعتذاري واعتذار جميع ثوار مصر لما اقترفناه في حقك طيلة هذه المدة لإلصاقنا اسمك بهذه القضية والتي بمجرد أن انتهت تذكرت براءة الذئب الذي التصق به جريمة قتل نبي الله يوسف عليه السلام حينما ألقى أخوة يوسف التهمة عليه وظلت ملتصقة به حتى أذن الله أن يظهر الحق ولم يكن هناك آدمي على وجه الأرض يعرف ببراءة الذئب إلا نبي الله يعقوب والذي لم يكن يملك الدليل أيضاً ولكن الله خير الحاكمين.

 

هي نفسها الذكرى حينما رأيت أهالي الشهداء بعد النطق بالحكم وتذكرت قول نبي الله يعقوب وهو يقول (بل سولت لكم انفسكم أمراً فصبر جميل) وحينما رأيت نظرة أعينهم تذكرت قول العلي القدير (وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم)، لا تحزنوا يا أولياء الشهداء فإن الله لا يغفل ولا ينام هو من بيده الحكم وإليه ترجع الأمور فكما أظهر من قبل براءة الذئب من دم ابن يعقوب سوف يظهر الحق عاجلاً أم آجلاً ببراءة الجمل من دم أبنائكم وشهدائنا وسوف يقتص الله العلي القدير من قتلة الأبرياء وأوصيكم بقول الله تعالى (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) (ولا تيئسوا من روح الله إنه لا يايئس من روح الله إلا القوم الكافرون).

 

أعلم تمام العلم أن القاضي الذي كانت القضية بين يديه لا يملك إلا أوراق يحكم على أساسها وأدلة دامغة يستطيع بها القصاص للشهداء ولكن أسئلتي له هل سمعت يوماً عن العدالة الإنسانية التي لا تحتاج إلى أدلة دامغة ولا إلى أوراق مرتبة ومتسلسلة؟ هل توقفت للحظة عن ارتداء ذلك الوشاح ذو النجوم ونظرت للأمور نظرة مظلوم لا يملك من أدلة إنصافه شيء؟ هل طرأ ببالك يوم أن تنحي جريمة القتل جانباً وتتعامل مع القضية على أنها قضية أناس خانوا ما عاهدوا الله عليه؟ كل هذه الأسئلة أعلم جيداً أن القضاء لا يعترف بها ولكن قدر الله أن نكون في مثل هذا الموقف نعمل جيداً أنهم قتلة أو على اقل تقدير هم من أمر بالقتل ولكن لا نملك من أدلة الإدانة دليل واحد يساعدنا على القصاص.

 

أتمنى أن يكون القاضي مطمئن إلى ما ركن إليه من حيثيات لحكمه والتي كانت بلا جدال صاعقة لكل من كان ينتظر الحكم في هذه القضية أعانك الله على ما ابتلاك به وسامحك الله إذا كنت قد أغفلت عن شيء كان يمكن أن يكون دليل دامغ للقصاص من هؤلاء القتلة.

 

هذا الحكم بمثابة بالون اختبار لحكم آخر سوف يأتي في القريب في جريمة شنعاء أخرى راح ضحيتها 74 شاب وطفل من مشجعي النادي الأهلي والذين توفاهم الله في ستاد بورسعيد شهر فبراير الماضي شهداء آخرين ينتظر ذويهم القصاص ممن اقترف هذا الجرم – ولكن هل سيأتي الحكم بما يتمنون؟ هل حيثيات الحكم في هذه القضية سوف تكون متشابهة مع حيثيات الحكم في قضية الثوار؟ هل القاضي سوف يطمئن إلى أدلة البراءة أيضاً؟ وأذكركم أن هذه القضية سوف يستخدم فيها لفظ (القتل المشاع) كما استخدم في قضية شهداء الثورة وهذا النوع من القتل لا تستطيع أن تدين فيه من قتل لأن الدماء متفرقة بين كثيرين.

 

سيادة الرئيس بعد كل مهاترات الـ 100 يوم وبعد كل تهيؤات مشروع النهضة وإعادة محاكمة الجناة واسترداد أموال الشعب المنهوبة وإعادة محاكمة قتلة الثوار وتعويضات المصابين …… وغيرها الكثير من الوعود أجد نفسي مضطراً لإبلاغك بأنك لا تختلف كثيراً عن من قتل وأصاب الثوار فإذا دافع عنك أعضاء جماعتك بأننا دولة مؤسسات ولا يجوز التدخل في عمل القضاء سنرد عليهم بأن إذا لم يأتي الحق على يد القضاء لأسباب لا يعلمها إلا الله والقضاء يجب أن يأتي الحق على أيديكم الموقرة على أقل تقدير أن تسلم أهالي هؤلاء الشهداء قلادة مثل التي سلمتها لمن قتلهم وساعد على إخفاء أدلة إدانتهم – على أقل تقدير تتولى الدولة والحكومة ومؤسساتها رعاية أسر الشهداء وتتكفل بمعيشتهم في وقت عز فيه العيش الكريم على كثير من أبناء أهلك وعشيرتك كما تقول – قم بأي تحرك يشعر هؤلاء بأن هناك من يرعاهم ويساندهم في مصابهم الأليم ولا تنسى بأن من أوصلك إلى هذا الكرسي والمنصب دماء أبنائهم الذكية فإن لم تفعل فهي نفس الدماء التي سوف تقتلعك من على كرسي الرئاسة وتأتي بغيرك وإن لم يفعل غيرك ما يجب أن تفعله سوف تقتلعه دماء أخرى ولم نيأس حتى يأتي الله بأمره ونسترد حقوقنا المسلوبة.

 

رحم الله شهدائنا وأسكنهم فسيح جناته ولعن الله القتلة وأعوانهم ومن يكتم الحق وهو يعلمه وأعان الله أهالي الشهداء على ما ألم بهم من مصاب.

 

محمد سمير ـ كاتب مصري

 

Twitter: @Momo202005

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى