الحقد بنكهة التوت
برزت ظاهرة نفسية مقلقة جداً في المجتمع ألا وهي الحقد الدفين وقد عرف العلماء الحقد بأنه “البغض الشديد والرغبة في الانتقام مضمره في نفس الحاقد وينشغل به باله ويكثر به همه وغمه”، وقال ابن حجر الهيتمي: (الحسد من نتائج الحقد، والحقد من نتائج الغضب).
والأخطر من الحقد الظاهر المعلن الواضح بنكهة التوت هو الحقد الدفين الممزوج بالحسد والرياء فهذا يشبه عصير الكوكتيل مضاف إليه التوت فالحاقد يقابلك بقبول حسن ووجهه مبتسم وقلبه أسود حقود وحسود على ما أنت به من نعم الله التي يتمنى زوالها لترتاح نفسه الحقودة المريضة.
وها هو الفارس الشجاع عنترة بن شداد قد عانى كثيراً من حقد أبناء عشيرته لأنه أسود اللون وبسبب شجاعته التي عجز عنها حاقديه وقد قال رائعته التي استهلها في:
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب
.. ولا ينال العلي من طبعه الغضب
وليس هناك راحة للنفس البشرية إلا بطرد الحقد الدفين من القلب والبعد عن الحسد وترك الناس ومعاملتهم بالود والاحترام ومباركة كل عمل طيب والعمل على تقليده بالخير وليس تحقيره بسبب الحقد الدفين.
وقد أبدع من قال:
الحقد داءٌ دفينٌ ليس يحمله
إلا جهولٌ ملـيءُ النفس بالعلل
مالي وللحقد يُشقيني وأحمله
إني إذن لغبيٌ فاقدُ الحِيَل
سلامة الصدر أهنأ لي وأرحب لي
ومركب المجد أحلى لي من الزلل
إن نمتُ نمتُ قرير العين ناعمـها
وإن صحوت فوجه السعد يبسم لي
وأمتطي لمراقي المجد مركبــتي
لا حقد يوهن من سعيي ومن عملي
مُبرَّأ القلب من حقد يبطئـــني
أما الحقود ففي بؤس وفي خطــل
أخي القارئ العزيز يا من أصبت بالحقد عالج نفسك اليوم قبل الغد من هذا الوباء المدمر ونقي قلبك وابتعد عن رذائل العمل والأخلاق والأقوال وإذا رأيت من هو أفضل منك لا تحقد عليهم وإن رأيتهم منعمين بالنعم فلا تحسدهم بل اسأل الله العظيم من فضله فالفضل من الله والنعم منه جل شأنه ينعم به من يشاء ويهبها لمن يشاء فلا تنازع ربك وتعارض أمره بالحسد والحقد، نبتهل إلى الله العلي العظيم أن يطهر قلوبنا من الحقد وأعيننا من الحسد وأن يحفظ مجتمعنا من الأوبئة النفسية المدمرة.
**
دالي محمد الخمسان ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @bnder22