24 سنة مضت وما زلت صغيراً…
في الـ 27 من أكتوبر لعام 1990 م، وتحديداً في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية ولدت، وعلى سواحل منطقة القطيف كانت أنفاسي الأولى، ولدت حينها بلا وطن، وكأن كل شيء يقول لي حينها: احذر فهذه هي الحياة وهذه هي صعوبتها. نشأت ببيت مزيج بين العلمانية والسلفية من أب علماني وأم سلفية حتى ملت في سنواتي الأولى من عمري لأفكار أمي فأكملت بداية طريقي بمزيج من المعتقدات السياسية والحضارية، من أم قبلية وأب من أسرة متحضرة ذات جذور قبلية، وهكذا بدأت الخطوات الأولى ولا أعلم حينها ما الذي تخفيه لي الحياة.
كان حلمي عندما كنت صغيراً أن أكون رائد فضاء فصفع هذا الحلم عند أول واقع رأيته عندما شعرت باستحالة ذلك كوني عربي، فصار حلمي أن أكون لاعباً ماهراً وأمثل وطني لأعيد له أمجاد الثمانينات فانضممت للنادي العربي لحبي للمسمى العربي آنذاك، فصعقت بواقع الإهمال الرياضي فاتجهت ـ كون أمي سلفية ـ لبعض المدارس السلفية والتي رأيت بها العجب العجاب، حتى توقفت عن السير معهم لكثرة الغيبة والنميمة عند أولئك ولعدم اقتناعي بكل ما يُقال، حينها كنت أقول: “ليس مثلي من يُلقّن” فاتجهت إلى الأدب ببحوره حتى أتقنت الشعر بشقيه الفصيح والنبطي وما أن أتقنت ذلك وبعد شهرة بسيطة اختفيت لفترة أراقب الحياة، فبدأ التراجع في البلاد وبدأت الصعوبات التي تواجهني كشاب تكبّلني فقررت الخوض في الحراك الشبابي السياسي، والتخصص في السياسة بتخصص مساند إعلام.
ومع تخصصي واكبت العمل الإعلامي في تلفزيون الشاهد كأصغر مذيع إخباري في الكويت حتى انتقلت للبرامج الحوارية فاعتزلت ولا أدري متى أعود، وها أنا اليوم أبلغ الـ 24 وبدأت أشعر بأن الحياة عبارة عن غرفة كبيرة كلما تقدمنا بأعمارنا صغرت أكثر حتى تصغر وتنهي حلم الحياة الأخير برصاصة الضيق!
**
عبرة:
ـ مررت على الكثير من الوجوه وما زلت أفقد الوجه الأجمل، كلما طال انتظاري ازداد تعلقي، رحل الكثير وأولهم من أحببت، وبقى الكثير وأولهم من لا نريد.. أو كما يقول البيت النبطي:
اللي يبينا عيّت النفس تبغيه
.. واللي نبي عيّا البخت لا يجيبه
ما أردته في هذا المقال أن أكتب أشياءً حبيسه أردت نشرها لعدم قواي، فرغم ثباتي إلا أن بداخلي طفل صغير ينتظر عائد قد مات، ويصبرونه بعودته… 24 سنة مضت ولا أعلم ما المتبقي… 24 سنة مضت وما زال الحلم الأسمى لم يتحقق رغم الكفاح والنضال والوفاء… 24 سنة مضت فما يخبي لي عامي الـ 25؟ هي الحياة لا مفر منها، والنبلاء يتكيفون معها كيفما كانت، ولا أدري لعل المتبقي خيراً…
**
غياب البعض لا يُطاق فكل الوجوه لا تحمل وجه صاحبي الغائب.
محمد العراده ـ رئيس تحرير صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @malaradah