قلم الإرادة

نبذ الكراهية بين الخطاب الكويتي والقانون الأمريكي

   (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خلقناكم مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شعوباً وقبائل لتعارفوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). [الحجرات:13]

 

الكراهية بين أبناء الجنس الواحد تتعارض مع الأمر الرباني بالتعارف والتقارب وبالتالي نبذ الكراهية، على الرغم من اختلاف الأعراق والمشارب بين الأفراد، الشيعة والسنة والمسلمين والمسحيين وغيرهم.

 

إلا أن في كل جيل من الأجيال يكون هناك جهلة أو متجاهلون يتغذون على إيقاد الفتنة والكراهية بين بني آدم، وبين أبناء وطني للأسف عدد من هؤلاء الجهلة المتجاهلون، منهم من يمثل الأمة أو مثلها، ومنهم من اتشح رداء مهنة المحاماة والذي يفترض بها أن تكون منطلقا لتسوية نزاعات الآخرين لا تأجيجها، وكل منهم وللأسف أقرب للسلطة ومتخذ القرار من حبل الوريد، وسيكونون سببا في ازهاق روحيهما.

 

في وطني العزف النشاز والمتكرر في السنوات الأخيرة على وتر الإختلاف والتباين بين السنة والشيعة، ومحاولة المساس في العلن برموز كليهما لهو أمر غاية في الجهل، وإذكاء لا لبس فيه لنار الفتنة في وطني، وكون هؤلاء الجهلة المتجاهلين رموز هشة من رموز الوطن فالكثير من حسني النية من يقوم باتباعهم ويزيدونهم اصرار، خاصة وأن حكومة وطني تقف موقف المتفرج، دون أن يكون لها موقف من مثل هذه الانتهاكات لرموز دينية أو وطنية، مما يجعلها شريك رئيسي في هذه الجريمة تستحق عليها عقاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاللهم أرحم أعضاء حكومة وطني وأجرهم من عذابك في الدنيا والآخرة. 

 

والولايات المتحدة، وعلى الرغم من حملها للواء حماية حقوق الإنسان حول العالم، وتصديها لقضايا المرأة والمهجرين والمساواة، حتى سمحت بتجنيس ضحايا انتهاكات الاتجار بالبشر وسمحت بتقلد أحد مواطنيها السود الذين عانوا سنين من الاستعباد دفة الرئاسة، وحركت جيوشها شرقاً وغرباً بحجة الدفاع عن حقوق المستضعفين حول العالم، إلا أنها فشلت فشلاً ذريعا في الحد من ومحاربة خطاب الكراهية. فلا تخلو الولايات المتحدة من الجهلة المتجاهلين الذين يذكون نار الفتنة والكراهية بين الأمم. ومن هؤلاء سياسيون بارزون ورجال أعمال ومشاهير من الممثلين والمطربين، ومنهم منتج الفلم مثير الجدل الأخير.

 

وقد انطلقت، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، السهام لاستهداف الإسلام والمسلمين، فعطلت الرحلات الجوية للإشتباه ببعضهم، وأعيد ترحيل البعض الآخر، كما حبس آخرون، وفصل من العمل غيرهم، وقتل بعضهم، وعذب البعض الآخر، كما حرم العديد منهم من حرياتهم وبعض حقوقهم. إلا أن ذلك يهون أمام المساس برمز هذا الدين وهو الرسول الكريم محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم.

 

وإن كنت على يقين أن جهلة متجاهلين من الشعب الأمريكي هم من كان وراء هذا المساس، إلا أن حكومتهم كان لها موقف لا يقل بروداً أو سلبية عن موقف حكومة وطني. فأخذوا يلوحون بالحق في الحرية في التعبير عن الرأي، إلا أن هذه الحرية متى ما اصطدمت بحقوق الآخرين كان لا بد من معاقبة مسيء استعمالها.

 

ودائماً مع وجود الجهلة المتجاهلين، هناك دائما عقلاء وأصحاب السداد بالرأي، فدعى كلاهما في وطني لخطاب نبذ الكراهية، وفي الولايات المتحدة لاحترام قانون نبذ الكراهية. إلا أن هذا الخطاب وذاك القانون تبلى قيمتيهما ما لم يكون هناك تطبيق حكومي لكليهما.

 

وعلى الرغم من محاربة الكراهية عبر نبذ خطاب هو أمر غير ملزم إلا أن نبذها عبر قانون فهو غاية في الإلزام، إلا أن وجود القانون هو لمواجهة منتهكيه، ومواجهة منتهكي القانون لا يكون إلا بتطبيقه، وتطبيقه لا يكون إلا بواسطة الحكومة التي تقوم عليه، فمربط الفرس في صدق واخلاص حكومتي الولايات المتحدة والكويت في محاربة الكراهية ومعاقبة موقديها ومؤججيها، إلا أن من أمن العقوبة أساء الأدب.

 

د. عيسى حميد العنزي ـ رئيس قسم القانون الدولي في جامعة الكويت ومحامي أمام محاكم التمييز والدستورية

 

Twitter: @DrEisaAlEnezy

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى