لماذا يصبح الفرد إرهابياً؟
الإرهاب هو جريمة ضد الإنسانية، يتعدى فيها المعتدي على حياة الأشخاص الأبرياء، يخلق جواً من الكراهية والخوف ويساهم في تكوين الشقوق بين الديانات والمجموعات العرقية على مستوى عالمي ويشكل الإرهاب أحد أخطر الانتهاكات للسلام والقانون الدولي وقيم الكرامة الإنسانية, إن الإرهاب هو هجوم على حقوق الإنسان، ليس هناك أي مبرر للهجوم على المدنيين وغير المحاربين باستعمال أساليب الرعب والاعتداءات المميتة.
هناك حالات يجمع المراقبون على أنها أعمال إرهابية بلا أدنى ريب من ذلك فلسطين ولبنان (صبرا وشاتيلا وقانا) والأعمال الإرهابية في السعودية والكويت والمغرب والجزائر والقاهرة وما يحدث الآن في العراق و11 سبتمبر في نيويورك وواشنطن ومدريد وبريطانيا وغيرها من مناطق العالم، وهنا سأتحدث عما يخصنا كعرب ومسلمين ولماذا يعتبر العرب والمسلمون من قبل بعض التيارات الغربية أنهم صداع العالم المزمن؟ طبعاً السبب هو الجماعات الإرهابية وكيف يفكرون وما الأسباب التي أدت إلى أن يكونوا إرهابيين؟!
أولاً: نقائص العقل لدى هؤلاء.
يفتقد هؤلاء القدرة البانورامية الشاملة ويركزون على جزء أو بعض أجزاء من المشهد العام دون احتوائه كله وهؤلاء لا يرون الألوان الرمادية وحسبهم فقط الأبيض والأسود، فلا يرى الواحد منهم الحلول الوسطية، فإما براءة أو إعدام، إما كبيرة من الكبائر أو هفوة من الهفوات، إما ملاك أو شيطان, لاحظ ذلك لدى بعض وعاظنا على المنابر فهم لا يرون سوى قعر الجحيم أو الفردوس الأعلى، وكل مرتكبي الذنوب أي ذنوب في نظرهم آثمون وسيصلون سعيراً, ولا يسع هؤلاء آراء الآخرين ولا يقبلون الاختلاف والخلاف ولا يتقبلون الانتقاد إذ يرون فيه مساساً مهيناً للذات، هؤلاء عقول مشوشة بفعل التأثيرات والعصبية والجهل والأمية.
ثانياً: الجهل العلمي.
كثير من هؤلاء في العالم العربي من يعلم هل طبقات الأرض عددها خمس أم تسع وليس هناك من يعرف هل طبقات الجو خمس أم ثلاث … إلخ.
ثالثاً: الطغيان الإعلامي والشعارات.
أعتقد أن الشعارات أفيون العرب وليس الدين كما قال لينين، فللأسف تركوا ما يحضهم عليه دينهم للعمل والإنتاج وإعمار الأرض وظلوا مخدرين بشعارات يشربون منها كلما ضاقت عليهم لتخدرهم عن ألم نكبة أو مصيبة فكم هي ملعونة المخدرات التي تدمر جسداً والشعارات التي تدمر أمماً, تلك مسؤولية بعض القنوات الفضائية المتعصبة حيث تجلب لنا كل يوم أصحاب الشعارات ليعودوا بنا للخلف كثيراً ويلوثوا عقول الأمة ويلقوا بها إلى الهاوية. لم لا نتعلم من التاريخ والمنطق مرة واحدة هذه الشعارات والقنوات الفضائية تظهر الوضع العربي الراهن بشعور ينتاب الغالبية الساحقة من الناس بأنها استبيحت كرامتهم داخلياً من قبل الأنظمة الديكتاتورية وزلمها واستبيحت خارجاً من قبل قوى كبرى متفردة وهذا شعور يمكن أن تنتج منه سلوكيات سلبية تزيد المأزق الحضاري تفاقماً, إذن هؤلاء يلعبون على الوتر الحساس في العاطفة الدينية، وتساعد هذه القنوات الفضائية على إيجاد نجم يخاطب الجماهير باسم العاطفة الدينية ويستولي على القلوب وتطيعه العقول.
يقول الفيلسوف الفرنسي غوستاف لوبون «إن أكثر الجماهير عاطفيون والقليل من الناس برهانيون، وهذا يعني أن الذين يفكرون هم قلة والأكثر هم الذين يتحركون بالعاطفة، فهذه في خلقة البشر وفي تكوينهم في هذا الأمر.
الحل إذن هو العمل على إيجاد الحرية والديموقراطية؛ لأن عبرهما يمكن التغلب على الإرهاب، ليس باستطاعة أي نظام أو حكومة أن تتطالب بشرعية أكبر، يجب علينا دعم تكاثر الحركات الديموقراطية في كل الأمم والتأكيد على التزامنا مع التضامن والشمولية واحترام التعددية الثقافية، والعمل على مبادرات جديدة للوساطة وإحلال السلام, ويجب أن نعلم أن أي اعتداء على أمة هو اعتداء على كل الأمم، والضرر الذي يلحق بإنسان هو ضرر يلحق بكل الإنسانية لا مجال لعدم الاكتراث، ننادي الجميع فرداً فرداً: إلى كل الدول وإلى المنظمات الوطنية والدولية إلى المواطنين انطلاقاً من المناقشات بين الزعماء السياسيين والخبراء والمواطنين، نستطيع تحديد المجالات والتوصيات التالية التي نعتبر ضرورة توسيعها وتنفيذها كجزء من عملية ديناميكية مستمرة:
ـ التشجيع الدائم للحوار الثفافي والديني بواسطة الحوار المحلي وإنشاء برامج تبادل دولية.
ـ يجب على السلطات وعلى وسائل الإعلام مراجعة تعابيرها بشكل دائم لضمانة عدم التقوية غير المقصودة للأهداف الخاصة بالإرهابيين كالخوف والرعب والكراهية.
ـ إنشاء برامج وطنية ودولية لتقييم المظاهر العنصرية والمجابهات العرفية والتطرف الديني وتأثيرها على وسائل الإعلام.
ـ بإمكان السياسات الاجتماعية والاقتصادية المساهمة بالتخفيف من الحرمان ومن تأثير التغيرات الاجتماعية والاقتصادية السريعة التي تولد حقد هذا العنصر الذي طالما استغله الإرهابيون.
ـ بذل جهود جديدة لتخفيض اللا مساواة الهيكلية في المجتمعات للقضاء على التمييز ضد مجموعات معينة وهذه مسؤولية السلطات.
ـ دعم البرامج التي تركز على تشجيع تعليم المرأة وتمثيل المجموعات المحرومة تنفيذ أهداف تنمية الألفية للعام 2015. كما أتمنى إنشاء مركز موحد تساهم فيه الحكومات العربية (تحت اسم السلام والعدالة في الوطن العربي).
عبد الفتاح الدربي ـ كاتب وإعلامي
Email: [email protected]