فواحش داعش
من منّا لا يعلم بما يدور الآن في سوريا من حروب داخلية بين المعارضة والنظام والمعارضة نفسها لتشكل هاجساً لشعب سوريا بل لشعوب المنطقة، وتخوف من تمددها ويصبح القتال لغة المتخاصمين مع بعضهم البعض!
بدأت بسوريا بثورة شعبية مستحقة تجاه نظام ديكتاتوري لا يرحم ولا يرضى حتى بكلمة لا، ووصلت الآن إلى تصفية حسابات ومصالح داخلية بين صفوف المعارضة قبل أن يكون بين المعارضة والنظام الجائر.
عندما واجه نظام بشار الاحتجاجات السلمية بالدبابات تطورت المعارضة لتصبح مسلحة حتى تقدر على مواجهة العنف المُمنهج، وكان جوهر المعارضة المسلحة آنذاك هو “الجيش السوري الحر” وأغلبهم من المنشقين عن الجيش النظامي لرفضهم أساليب حزب البعث بحق الشعب ومن أجل الكرامة والعزة.
وبعد معارك دامية بين الطرفين تسلل إلى سوريا عناصر عراقية وخليجية وبلاد المغرب العربي بل من دول غربية حاملين راية “داعش” وأصبحوا حجرة عثر أمام جهود الجيش الحر لإسقاط النظام وتبدّل الهدف الأسمى وهو إسقاط النظام الظالم إلى السيطرة على الأراضي السورية وتحويلها إلى ولايات يعين عليها أمراء لا نعرف عنه سوى حمل السلاح بوجه كل من يختلف معه، ومن هنا بدأ الشتات، واستغل النظام السوري هذا الشقاق وأصبح له حجة يتباهى بها أمام مؤتمر جنيف وعرض وزير الخارجية المعلم صورا تُدين عناصر داعش، ولو قلت فواحش داعش أنا هنا لا أقصد من غرر بهم الذين دخلوا سوريا لرفع الظلم عن الضعفاء بل قادة أو ما يسمى “أمراء داعش”.
ولا أعرف مالذي يريدونه هؤلاء الأمراء؟ وهل الإصرار على الغلو والتشدد هو الحل الذي ننتظره؟ وفي كل مرة يكون هناك مساعي للحل تخرج علينا مساومات لم ينزل الله بها من سلطان على حساب الثورة السورية والتي طال أمدها دون حل يحفظ حقوق الشعب.
صحيح لا نرضى بإباحة المحرمات لكن مراعاة الأحوال والتدرج في ظل المآسي والدمار وهذا ما يريده الشعب السوري ولنا في ما قاله الخليفة عمر بن عبدالعزيز خير مثال عندما طلب منه ابنه تطبيق الشريعة أثناء خلافته فرد الخليفة: ” لا تعجل يا بني، فإن الله قد ذم الخمر في القرآن مرتين وحرمها في الثالثة، وإني أخاف أن أجمل الحق على الناس جملة، فيدفعوه جملة، ويكون من هذا فتنة”.
لا نلوم من يربط الحالة في سوريا مع غزة، فإن كان البعث هو العدو بسوريا، فإن الصهاينة المحتلين أعداء أهالي غزة والمسلمين كافة ; فأين عضلات داعش عنهم؟ أم نظرية المؤامرة التي كنا نرفضها سابقاً هي الحقيقة المرة وإنهم ليسوا إلا “استخبارات” ينتظرون أوامر عليا، وبمعنى آخر حرباً بالوكالة لأطراف خارجية لا تريد للمسلمين وحدة الصف!
طلال محمد الجنفاوي ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @TALALALJANFAWI