أطفال سوريا.. جيل الحلم الضائع
تستمر الأزمة السورية لعامها الثالث، مخلفة أكثر من 110 ألاف قتيل، لكن يبقى الأطفال، الذين يشكلون أكثر من نصف عدد اللاجئين السوريين، من أهم ضحاياها حيث حرم نحو مليوني طفل سوري من الدراسة ليكونوا “الجيل الضائع” الذي حذرت منه الأمم المتحدة.
خلال العام الدراسي الماضي، تخلف أكثر من مليوني طفل سوري تتراوح أعمارهم ما بين 6 و15 عاما عن الدراسة بسبب الحرب والنزوح، طبقا لإحصائيات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف).
“على الرغم من الجهود المبذولة لتوفير دراسة غير منقطعة للأطفال السوريين، فإن التعليم يبقى القطاع الذي يفتقر أكثر إلى التمويل”، حسب ما نشرته المنظمة الثلاثاء.
توفير الدراسة للأطفال السوريين في لبنان، حيث لجأ اكثر من 630,750 سوري يقطنون في منازل مستأجرة أو كضيوف على عائلات لبنانية أو في الشوارع، يمثل تحديا كبيرا، كما تؤكد المنظمة.
المنظمة كانت تأمل في توفير مساندة 200 ألف طفل سوري في لبنان من أجل متابعة دراستهم، لكن نقص التمويل أدى إلى عدم تحقق هذا الهدف إلا في نطاق ضيق جدا، حسب ممثلة المنظمة في لبنان أنا ماريا لوريني.
ومع دخول الحرب عامها الثالث وغياب أي بادرة حل سلمي، نزح أكثر من 4,25 مليون شخص داخليا. واضطر أكثر من 2,1 مليون سوري إلى الهرب خارج البلاد بحثا عن الأمن وحفاظا على حياتهم ويعيشون الأن في مصر والعراق والأردن وتركيا ولبنان.
ويمثل الأطفال أكثر من نصف عدد اللاجئين السوريين، حسب احصاءات الأمم المتحدة.
قبل بداية الحرب، كانت نسبة الالتحاق بالتعليم في سوريا تفوق 90 بالمئة.
لكن هذا القطاع لم يسلم من الحرب، وخلال العام الدراسي الماضي تخلف نحو 2 مليون طفل سوري، أعمار من 6 إلى 15 عاما، عن التعليم بسبب النزاع الدائر أو نزوح عائلاتهم. وأكثر من نصف هذا الرقم، أي نحو مليون طفل، موجودون في سوريا ولا يستطيعون مواصلة تعليمهم.
وتشير اليونيسيف، أنه حتى في المناطق التي لا تزال تتوفر بها منشآت التعليمية، يدفع الهاجس الأمني الأهل إلى عدم إرسال أطفالهم إلى المدارس خشية على حياتهم.
كما أن من يذهبون إليها، يواجهون ظروفا نفسية صعبة مثل افتقاد زملائهم الذين غيبهم الموت أو النزوح.
وحتى في البلاد التي منح فيها اللاجئون السوريون حق التعليم المجاني أسوة بالمواطنين، مثل مصر، فإن عائلات سورية كثيرة فرت هاربة من بيوتها بدون شيء أكثر من الملابس التي كانت ترتديها عند اضطرارها للهروب.
كذلك يحضر اللاجئون إلى مخيمات أو مجتمعات مضيفة مكتظة أساسا يعجز فيها قطاع التعليم عن استيعاب هذه الأعداد الوافدة.
وتؤكد اليونيسيف أنه على الرغم من الجهود المبذولة لتوفير احتياجات أطفال اللاجئين السوريين، فإن الحاجة تبقى ملحة.
“من بين مبلغ 470,65 مليون دولار الذي تحتاجه اليونيسيف لتلبية الاحتياجات في سوريا والدول المجاورة لها، يبقى قطاع التعليم القطاع الأقل تمويلا ولا يغطي 63 بالمئة من احتياجاته”.
ولقد أعلنت المفوضية العليا للاجئين أن الدول المانحة لبت 27 بالمئة فقط من المبلغ المطلوب لسد احتياجات منظمات الأمم المتحدة العاملة في سوريا والمقدر بنحو 1,6 مليار دولار.
وتحذر اليونيسيف من أنه “بينما يستعر النزاع حارما المزيد من الأطفال من حقهم في التعليم، يقوض ذلك ليس فقط نموهم الفكري بل أيضا فرصهم المستقبلية. في يوم ما، سيكون طريق إعادة البناء في سوريا طويل وسيكون وجود شعب متعلم هو أكثر ما تحتاجه البلاد لشق هذا الطريق” حسب يونيسيف.
“جيل ضائع”، هذا ما سيكون مصير ملايين من أطفال سوريا بسبب الحرب وتوابعها، حسب ما حذرت اليونيسيف في تقرير نشرته الربيع الماضي.