حديث المنابر

خطبة حجة الوداع التي ألقاها النبي عليه أفضل الصلاة والسلام والتي أرست الركائز في ديننا الحنيف وفيها الكثير من المقاصد والوصايا وأرست دعائم الإصلاح وفيها من البلاغة والإيجاز من الطراز العالي والرفيع، خطبة فيها الكثير من القواعد لخدمة البشرية والإنسانية ومنهاج حياة، ونزل فيه الوحي مبشراً: “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا”.
الوقوف على المنبر كم هو أمر عظيم والخطب على الحشود الحاضرة، باختيار الرسالة والموضوع، المؤتمر الأسبوعي للمسلمين وخطبة الجمعة، الرواد وهم ذاهبون للمساجد للاستماع للخطبة الأسبوعية يريديون خطب تحرك الأفئدة وتلهب المشاعر، خطب تلامس واقع قضايا الناس وهموم الأمة، طرح مشكلة وحلولها، خطب عصرية تلامس المشاعر وليس منفصلة عن الواقع، في زمن سهولة البحث عن المعلومة ولكن من يستطيع مخاطبة عقل المستمعين الذين لديهم العديد من الاسئلة التي تراودهم واستماع لخطبة مؤثرة وليس مجرد كلام مرسل والسلام وانتهى الكلام.
الاختصار والبلاغة وعدم الإطالة ومراعاة ظروف الناس، الصراخ وإطالة الوقت والضرب على المنبر ليس دليل على قوة الخطبة، الهدوء والمعنى الحقيقي وبلاغة الإيجاز، فمن يقرأ خطبة الوداع كاملة لن تؤخذ منه بضعة دقائق وهي واحدة من أعظم الخطب في الإسلام.
في زمن التغير والتحول السريع، يجب الاستغلال والاستفادة الكبرى من هذا المنبر بمجال التوعية وإرسال الرسائل الهادفة العظيمة وليس كلام إنشائي مرسل ويكون الدخول والخروج من المكان دون دروس مستفادة، هناك تبقى خطب عالقة في الذهن رغم مرور السنوات لما لها تأثير على الرواد، وهناك خطب ما أن تخرج من المسجد لا تذكر منها إلا الأمر البسيط جداً أو مجرد خطبة وانتهى الأمر، الخطيب المفوه هي موهبة وقادر على كسب الرواد وجذبهم بما يقدمه من رسائل كونت لديه قاعدة لتأثيره عليهم، المنبر والاستفادة القصوى منه والناس تأتي إليك، أيها الخطيب أجذب ولا تنفر، أحسن الإعداد والاختيار، خاطب الجموع لامس القلوب، فالكلمات التي تخرج من القلب تصل إلى القلب.
المنبر هيبة وتأثير ورسالة، حتى قبل الإسلام الأدب والخطابة والشعر كان له نصيب وحظوة ومكانة، وأتى الإسلام ووظفها أفضل توظيف عبادة وفريضة ومعلم بارز لهذا الدين العظيم، وجعلها لقاء أسبوعي وبالمناسبات الكبرى وأعياد المسلمين، وأضحت مظهر من مظاهر أمة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
••
عبد العزيز الدويسان – كاتب في صحيفة الإرادة
Twitter: @aziz_alduwaisan