إقليمي وعالمي

تفاقم أزمة أوكرانيا

جاء الهجوم الروسي على أوكرانيا ليزيد تفاقماً مشكلة نزوح داخلي قائمة بالفعل في أوكرانيا؛ حيث إن هناك بالفعل ما يصل إلى مليون ونصف نازح داخلي في البلاد قبل الأسبوع الماضي، كانوا قد اضطروا لترك منازلهم خلال الغزو الذي وقع عام 2014 والصراع الطويل الذي أعقب ذلك في شرق أوكرانيا.

وقال إيرول يايبوك أحد كبار الباحثين ببرنامج الأمن الدولي بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي، إن الهجمات التي وقعت في الرابع والعشرين من الشهر الحالي، زادت بالفعل تلك الأرقام، فقد ارتفع عدد الفارين من الحرب في أوكرانيا إلى 368 ألف شخص، حسبما ذكرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أمس الأحد نقلاً عن بيانات من السلطات الوطنية.

وقالت المفوضية في تغريدة على «تويتر» إن الأعداد سوف تستمر في الارتفاع.

ووصل أكثر من 200 ألف لاجئ أوكراني إلى بولندا وحدها، وفقاً لحرس الحدود البولندي.

وأعلنت المفوضية أيضاً أنها تستعد للتعامل مع ما يصل إلى أربعة ملايين لاجئ من أوكرانيا، إذا استمرت الحرب الروسية ضد البلاد، في التصعيد.

وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الجمعة الماضي أن بلاده استقبلت أكثر من 110 آلاف لاجئ من شرق أوكرانيا.

من جهة أخرى، يقدر مسؤولون أميركيون أن ما يصل إلى خمسة ملايين شخص قد يُرغمون على ترك منازلهم، ويستعد الاتحاد الأوروبي لاستضافة مليون لاجئ.

وأضاف يايبوك في تقرير نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن أولئك الذين تتوفر لهم سبل النزوح حشدوا أمتعتهم وأقاربهم في سيارات وحافلات متوجهين في الغالب إلى المناطق الغربية من أوكرانيا أو إلى الحدود الدولية.

ويظل أولئك الأشخاص الذين ليس لديهم القدرة عل النزوح، عرضة للخطر.

وترددت تقارير عن اختناقات مرورية في جميع أنحاء البلاد؛ حيث كانت هناك طوابير طويلة من المركبات تتحرك ببطء من العاصمة كييف إلى «جيتومير» وإلى «لفيف» لكي تصل في نهاية المطاف إلى الحدود البولندية.

وتابع يايبوك أنه نظراً لأن الهجمات تأتي في المقام الأول من ثلاث جهات وتستهدف البنية الأساسية للمياه والمنشآت التعليمية الهامة، يمكن أن يضطر المدنيون الأوكرانيون المعرضون للخطر إلى البحث عن مأوى خارج أوكرانيا بأعداد تاريخية.

وقد أقام قرابة خمسة آلاف من القوات الأميركية من الفرقة 82 المحمولة جواً في بولندا ثلاثة مراكز جديدة لتسجيل اللاجئين لتضاف إلى المراكز الخمسة القائمة.

وأعد المسؤولون البولنديون أيضاً نظاماً لنقل الأشخاص المصابين إلى ما لا يقل عن 120 مستشفى في جميع أنحاء البلاد، حيث يستعدون في نهاية المطاف لوصول ما يصل إلى مليون لاجئ في الأيام والأسابيع المقبلة.

وحدود بولندا مستمرة في البقاء مفتوحة، كما هو الحال بالنسبة لحدود أوكرانيا مع سلوفاكيا ورومانيا العضوتين في الاتحاد الأوروبي.

وحتى المجر، المعروفة منذ فترة طويلة بموقفها المعادي تجاه المهاجرين واللاجئين، أشارت إلى استعدادها لتوفير إغاثة إنسانية للأوكرانيين ومأوى لهم.

وتعهدت مولدوفا، وهي ليست عضو في الاتحاد الأوروبي، أيضاً بإبقاء حدودها مفتوحة أمام الأوكرانيين وتوفير المساعدات لهم لدى وصولهم.

وتابع يايبوك بأنه مما لا شك فيه أن عدد اللاجئين والأشخاص النازحين داخلياً سوف يرتفع، ومن المحتمل أن يصل إلى عدة ملايين.

وسوف يأمل كثيرون في العودة إلى وطنهم قريباً، غير أن النزوح الطويل الأجل أكثر شيوعاً على المستوى العالمي من أي عودة سريعة.

وبينما لا يعرف أحد كيف أو متى سوف ينتهي الصراع في أوكرانيا، يعتقد عدد قليل للغاية من الأشخاص أنه سوف ينتهي بسرعة.

وحذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم السبت الماضي لدى افتتاحه المعرض الدولي للزراعة في باريس الذي يستمر لغاية 6 مارس (آذار)، من أن الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا «ستطول».

وما يدعم تصريح ماكرون، إصدار وزارة الدفاع الروسية أوامر لقواتها بشن هجوم في جميع الاتجاهات على أوكرانيا، عقب إعلان الرئاسة الأوكرانية رفض التفاوض مع روسيا.

وبالنسبة للأشخاص النازحين داخلياً، فإن هذا يعني البحث عن الطعام والمأوى ومساعدات أخرى بينما يفكرون في إعادة توطين دائم في «لفيف» أو في أي مكان يمكنهم أن يجدوا فيه السلامة.

وبالنسبة للاجئين خارج أوكرانيا، يصبح بقاؤهم أكثر تعقيداً كلما طال أمده.

وقال يايبوك إنه يجب الإشادة بالترحيب الأولي من جانب الدول المجاورة لأوكرانيا، وأنه يتعين على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أيضاً أن تضمنا، من خلال المساعدات الثنائية ومتعددة الأطراف (وإعادة التوطين في الولايات المتحدة وفي أماكن أخرى عندما يكون ذلك ممكناً) ألا يقع عبء إيواء اللاجئين تماماً على كاهل الدول والمجتمعات التي تستضيفهم.

ويتعين على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أيضاً العمل مع السلطات المحلية، للتأكد بأن تظل الحدود مفتوحة للأوكرانيين المعرضين للخطر.

ولكن مع طول وقت بقائهم بعيداً عن وطنهم، سوف يبحث اللاجئون الأوكرانيون على نحو متزايد عن حلول أكثر استدامة، بما في ذلك الوصول إلى تعليم أطفالهم وأسواق عمل للبالغين وحرية الحركة للأسر داخل اتحاد أوروبي لطالما كان متحفظاً بشأن السماح بالتمتع بمثل هذه الأمور في الماضي.

واختتم يايبوك تقريره بالقول إنه رغم التحديات على المدى الأطول في المستقبل، فإن هناك حاجة لبذل كل جهد لمواصلة الترحيب بالأوكرانيين المعرضين للخطر ما داموا يحتاجون إلى ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى