عربي في نابولي

في سبتمبر من 2018 كنا في رحلة سياحية إلى إيطاليا والنزول في مطار العاصمة روما، ثم استغلينا القطار باتجاه الجنوب الإيطالي وتحديداً إلى مدينة البيتزا ومارادونا نابولي، وأثناء الاتجاه من روما إلى نابولي توقف القطار في محطات عديدة وكان الوقت فترة العصر الحركة والازدحام مع انتهاء فترة العمل وعودة الناس إلى منازلهم، وفي أحد المحطات صعد شاب عربي صغير السن ومن ارتدائه الملابس تبين ما هي طبيعة عمله البسيطة، وأتى بعد يوم طويل ومتعب.
هذا الشاب كان قريب منا، فسألنا إن كنا عرب فأجبناه وبدأ بالحديث والفضفضة، وأثناء الحديث إن لوحده وأهله في بلده وهو بعمر 16 القدوم بهذا السن الصغير للاستفادة من قوانين الهجرة والجنسية، ووالده أرسله ودفع المال الكثير للهجرة السرية للقدوم لإيطاليا، حديث لدقائق معدودة مع هذا الشاب لكن رسخت بالذاكرة ثم نزل الشاب وودعناه في محطة وأكملنا طريقنا.
الكثير من يعاني في بلده الأم من اضطرابات سياسية .. ومشاكل اقتصادية، البطالة، وانخفاض الأجور، وتدني مستوى المعيشة، وقلة فرص العمل، وانخفاض مستوى الخدمات، وعدم توفر أبسط سبل الحياة .. ظروف أمنية والبحث عن مكان آخر للعيش بصورة أفضل والبحث عن العيش الكريم، أوروبا القارة العجوز التي أصبحت جنة الشباب والكلمة الساحرة وهناك من يغامر بحايته ولا يمر بنشرات الأخبار أيام قليلة حتى نسمع عن غرق أو إنقاذ مهاجرين غير شرعيين، هؤلاء وصل بهم الحال بأن ليس لديهم ما يخسرونه من أجل بلوغ هذه النقطة بعدما أجهضت وماتت أحلامهم في بلادنهم.
الإنسان بطبعه يحب المكان الذي عاش وترعرع فيه بين أحبابه وأقرانه، ويعيش في بيئته وعاداته وتقاليده ولكن هناك ظروف تحتم للعيش والابتعاد عن مكان بلده الأم، وبعد العودة من نابولي إلى روما والمشي في طرقات العاصمة صادفنا مطعم وعرب يعملون فيه وحديثهم العربيه بطلاقة رغم أنهم من مواليد إيطاليا والسبب كما يقولون لنا أن والدهم يرفض رفض قاطع الحديث وهم صغار في المنزل بغير اللغة العربية للحفاظ على الهوية رغم الابتعاد عن البلد الأم.
الوطن تغزل فيه الشعراء وسرد الكتاب كلماتهم عن الأوطان وحب الوطن لكن لن يشعر بالوطن إلا من جرب الغربة، وقالوا عن الغربه (العيش في الغربة أشبه بعسر التنفس).
••
عبد العزيز الدويسان – كاتب في صحيفة الإرادة
Twitter: @aziz_alduwaisan