تنسيق الحظائر

مبهر ما يفعله الغرب في تنسيق حظائر أغنامهم، مبهر حقاً احترامهم لأغنامهم والاهتمام بمشاعرها وبحثهم الدؤوب عن فهمها وفهم احتياجاتها كم هو جميل أن ينسق الحيوان حظيرته كما يحب ويريد ويتمنى يضع مكان أعلافه ومشاربه في زاوية محددة لا تعيق حركته ولا تعيق أقرانه وتسمح له بالحركة عند اكتظاظ المكان تسمح له الوصول إلى غايته في وقت قياسي لا يحتاج فيه مزاحمة زملائه من الأغنام عند وضع الشعير والتبن لهم ينسقها فإذا ما دخل طبيب البيطرة ليحقن أحدهم عرف الطبيب من المقصود ومن التالي.
كم هي جميلة فكرة تنسيق الحظائر فهي لبنة أولى في بناء مجتمع حيواني متقدم ولكن يجب أن نقف بحياد فهناك مشكلة تواجه الأغنام عادة مشكلة جوهرية مهمة وهي اختلاف وجهات النظر التنسيقية فلمن يكون القرار حينها؟!
الأغنام حتى هذه اللحظة تتبع سياسة القطيع ولا تعترف بقائد وكل منها يشترى ويباع ومصلحة القطيع غائبة فالجميع يطأطئ رأسه وينشد السلامة وفي حالك الأزمات يكون الصوت المرتفع “”ماء ماء“” هو السبيل الأمثل للتعبير عن استنكارهم أو خوفهم أمام الجميع فـ “ماء ماء” قد تدل على أزمة ثقة مع الراعي أو معبرة عن نقص في الموارد أو أزمة في التنظيم، وربما تعبر أيضاً عن خطر حقيقي، أما غير ذلك فليس من المنطقي أن تقول أي غنمة أي كلمة وهنا يجب أن ننظر إلى دور الراعي أو صاحب القطيع في أنه حقيقةً مضطر أو مجبر بأن يقوم باتخاذ القرارات التنظيمية عن الأغنام فهل يسلبهم صاحب القطيع حقهم في تطبيق وجهات نظرهم؟ هل يسلبهم حلمهم في تنسيق حظائرهم؟ الراعي إذا سيكون دكتاتوراً في أعين الكثير من الأغنام؛ لأنه سيجبر الأغنام على فكرته والأغنام غالباً ما تستسلم لرأيه؛ لأن المهم لها هو العيش بسلام وأن يوفر لها الراعي أو صاحب الحظيرة المأكل والمشرب والأمان المادي والمعنوي ومنطوقها غالباً “لا حاجة لنا بالصراعات ولا الاختلافات“ إذن ففكرة تنسيق الحظائر حق منفرد للراعي ما لم يوجد في القطيع قائد مسموع الكلمة يعبر عن آرائه بكلام مفهوم للراعي لا بكلمة “”ماء ماء“” التي باتت غير مفهومة لأحد وهنا يبرز دور التقدم العلمي في إيجاد طريقة لتفسير لغة الأغنام، عموماً وقد بدأ الغرب في ذلك ووصلوا إلى نتائج مبشرة وواعده، ولله الحمد، وهنا يبرز دورنا نحن دورنا الحقيقي في الاستفادة من تجربتهم ومن ثم تعريبها لنستطيع فهم لغة الأغنام العربية والكويتية بشكل خاص لنساعدها يوماً على تنسيق حظائرها بالشكل الذي تحبه وترتضيه وبموافقة الراعي.
••
الشيخ محمد الأحمد الصباح – كاتب وباحث
Twitter: @ibnmalek