أسود جائعة

لكل شيء نهاية .. ولكل شمس تشرق غروب .. وصلنا للمشهد الختامي بعد شهر من المنافسات والإثارة والمتعة الكروية، بطولة الأرقام القياسية، الأكثر تسجيلاً بأهداف عكسية وكرات رأسية ولعب أشواط إضافية، يورو 2020 لعبت بظروف استثنائية مع استمرار جائحة كورونا وعادت الجماهير بنسب متفاوتة في المدن وكانت وستظل الجماهير هي ملح وحلاوة الساحرة المستديرة.
يورو 2020 لعب في 11 مدينة بمشاركة 24 منتخب وصلنا وعرفنا طرفي النهائي، إيطاليا التي أتت بهدوء وبمجموعة تشمل على الجودة والصلابة والفرديات ليس فيها اللاعب الأوحد ولاعب سوبر ستار تسلح بالروح الإيطالية المعروف عنه، مدربه مانشيني الذي أتى خلف المدرب السابق للآزوري فينتورا بعد نكسة وخيبة عدم التأهل والوصول لنهائيات مونديال روسيا 2018 لأول مرة منذ 60 عام.
مانشيني تولى القيادة وكون منتخب شامل من مجموعة أندية وتوليفه رائعة من لاعبين ليس فقط من الأندية الكبيرة المتعارف عليها وضمن لاعبين من أتلانتا وساسولو وسامبدوريا، لتحقق إيطاليا في عهد مانشيني حتى الآن سجل مميز بسلسلة 33 (قبل خوض النهائي ضد إنجلترا) بدون هزيمة، وآخر هزيمة لإيطاليا كانت أمام البرتغال ضمن دوري الأمم في سبتمبر 2018 بنتيجة 1-0.
إيطاليا التي تأهلت إلى نهائي اليورو للمرة الرابعة في تاريخها بعد تحقيقها 6 انتصارات متتالية في البطولة وهو سجل للمرة الأولى في البطولة لأي منتخب على الإطلاق وأحرزت لقبها الوحيد عام 1968 عندما استضافتها.
الأسود الثلاثة المنتخب الإنجليزي الأسود الجائعة وتبحث عن فريستها بعد أن فكت عقدتها في البطولات الكبرى بعد 55 عام والوصول لأول نهائي منذ مونديال كأس العام 1966 التي أحرزتها على ملعب ويمبلي والبطولة الوحيدة في خزائنها حتى الآن ويصل لأول نهائي له في بطولة اليورو، وهي المدة الأطول لأي منتخب أوروبي بين نهائيين وصل لهما على مدار التاريخ سواء في كأس العالم أو اليورو.
المدرب ساوثغيت الذي أعتمد على بناء فريق شاب وخاض نهائيات كأس العالم في روسيا بتشكيلة شابة بلغ معدل أعمار لاعبيها 26 عام ثاني أصغر تشكيلة في النهائيات وتمكن من خلالها من بلوغ قبل النهائي للمرة الأولى منذ 1990 قبل أن تخسر من أمام كرواتيا 2-1 بعد التمديد (الوقت الأصلي 1-1)، ووصل ساوثغيت نصف نهائي دوري الأمم 2019، والآن نهائي اليورو.
كل العوامل صبت في مصلحة الانجليز، مدرب بنى منتخب شاب، قوة هجومية، صلابة دفاعية، أسماء نجوم لامعة في الهجوم رحيم وهاري وفودين وغريليش وحارس متألق بيكفورد وأجنحة طائرة، خوض جميع مباريات دور المجموعات وصولا للنهائي على أرضه باستثناء ربع النهائي ضد أوكرانيا لعبها في روما، عامل الأرض والجمهور، كل العوامل لصالحها لكتابة تاريخ جديد.
وعبارة “Its coming home” هي العبارة الدارجة في إنجلترا وأغنية بسبب استضافة إنجلترا لبطولة يورو 1996 بعد 30 سنة من عدم استضافة إنجلترا لأي حدث رياضي كبير، ومع الوقت أصبحت الأغنية شعار للمشجعين لتحقيق الأمال، يفتخر الانجليز بأنهم مهد كرة القدم وإنها ستعود يوماً ما للوطن بعدما نشروها حول العالم.
قالوا يوماً جهزوا كفن لإيطاليا فإنها في عداد الأموات .. إيطاليا تعود فمن له ماضي عريق سيعود حتماً، الطليان سقوط فنهوض وعودة وكبرياء، إنجلترا بعد حرمان وصيام لعقود، ويمبلي سيكون حكاية ألم وأمل وحلم طال انتظاره.
••
عبد العزيز الدويسان – كاتب في صحيفة الإرادة
Twitter: @aziz_alduwaisan