كرت أصفر

المشاكل التي تواجهك تصنع الحلول، فكانت البطاقات الحمراء والصفراء في عالم كرة القدم تعطى شفهياً، ففي بطولة كأس العالم 1966 بمباراة بين المنتخبين الانجليزي والأرجنتيني شهدت جدلاً تحكيمياً عندما سجل الإنجليزي جيوفي هورست هدفاً لبلاده من وضعية التسلل بعدها طرد الحكم قائد الأرجنتين انطونيو راتين، وأشار الحكم إلى قائد الأرجنتين بالابتعاد عنه لمواصلة اللعب بيد أن الأخير رفض وأحتج بشدة الذي لم يفهم ما كان يردده راتين، عندها أمره بالتوجه إلى غرفة الملابس فلم يمتثل الأرجنتيني للأمر وبقي على أرضية الملعب مواصلاً احتجاجاته.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل أن لاعبي منتخب الارجنتين التفوا حول الحكم معترضين على قراراته قبل أن ينسحبوا من الملعب وتدخل مسؤولو الفريق الأميركي الجنوبي لإعادة الأمور وطلبوا من اللاعبين العودة ومواصلة اللعب، كما تدخل رئيس لجنة التحكيم وأقنع راتين، الذي كان يطالب بمترجم للتحدث إلى الحكم، بمغادرة الملعب، وبالتالي جرى تفادي أول حادثة انسحاب في «العرس العالمي».
والإنجليزي كين آستون مشرف الحكام بالملعب لإقناع راتين بالخروج واستخدام دبلوماسيته وخبرته لإقناع الكابتن الأرجنتني بالخروج الذي طرده الحكم، ولكن اللاعب رفض الخروج بحجة إنه لم ينذره قبل الطرد رغم أن الحكم أنذر اللاعب شفهياً بلغة لا يفهمها اللاعب، وكانت أحاديث أن الحكم أنذر الأخوين في المنتخب الانجليزي بوبي و جاك تشارلتون شفهيا وتغتضى عن مخالفتهم، وانتهى اللقاء بخسارة المنتخب الأرجنتيني بهدف وحيد.
وفتح الاتحاد الدولي تحقيق عاجل بأحداث المباراة وعقوبات قاسية على الاتحاد الأرجنتيني، بينها غرامات مالية وإيقافات بحق قائد الأرجنتين المطرود ولاعبين آخرين.
فالحكم الانجليزي ومشرف الحكام في هذه المباراة بين الأرجنتين والانجليز كين استون لفتت انتباهه الإشارات الضوئية، فالأخضر يفسح المجال للمرور، يليه الأصفر الذي يحذر بالتمهل والاستعداد للوقوف عندما يضيء الأحمر، فأتت فكرته (يمكننا استعمال بطاقات ملونة لتحديد الإنذارات والطرد)، وتفادي المشكلات في المستقبل وعدم تكرار الحوادث.
من هنا .. قرر الحكم الدولي السابق كين استون الذي كان رئيساً للجنة الحكام في الفيفا في عام 1970، ولذلك استخدمت أول مرة البطاقات الملونة في مونديال 1970 وأضحت جزء من عالم كرة القدم، والحكم الألماني كورت تشنيشر كان أول من أشهر البطاقة الصفراء أثناء قيادته المباراة الافتتاحية لمونديال المكسيك عندما رفعها في وجه الروسي اساتياني قبل أن يبرز 4 بطاقات صفراء أخرى في المباراة عينها، ولم تشهد كأس العالم 1970 في المكسيك إشهار أي بطاقة حمراء.
المشكلة التي واجهت الحكم الانجليزي ولدت لديه الحلول عند ملاحظته الإشارة الضوئية، فالفكرة مصدر إلهام لا تعرف متى وأين وكيف ستأتي؟ الفكرة قد تأتي بوسط زحمة الأفكار والانشغال، ملاحظة عابرة، وأحياناً بوقت الراحة، فالفكرة كالجرس تأتي فجأة.
••
عبد العزيز الدويسان – كاتب في صحيفة الإرادة
Twitter: @aziz_alduwaisan