السودان: مواصلة إثيوبيا الملء الثاني لسد النهضة يعد خرقاً للقانون الدولي

عد السودان مواصلة إثيوبيا الملء الثاني لسد النهضة في يوليو (تموز) المقبل، دون التوصل لاتفاق ملزم بين الدول الثلاث، خرقاً للقانون الدولي، وتهديداً مباشراً لمواطنيه ومنشآته المائية، ولوح باللجوء إلى خيارات أخرى فيما يلي ملف سد النهضة، لكنه لم يكشف عنها.
وفشل الاجتماع السداسي لوزراء الخارجية والري لدول السودان ومصر وإثيوبيا، أول من أمس، في التوصل إلى صيغة مقبولة لاستئناف المفاوضات الخاصة بملء وتشغيل السد. وعقد رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، أمس، اجتماعاً مع وزير الخارجية المكلف عمر قمر الدين، ووزير الري ياسر عباس، استمع فيه لآخر التطورات المتعلقة بتعثر جولة المفاوضات.
وكانت وزيرة التعاون الدولي بحكومة جنوب أفريقيا، جي باندورا، قد أعلنت أن المفاوضات بين السودان ومصر وإثيوبيا وصلت إلى طريق مسدود، وأنها سترفع الأمر للاتحاد الأفريقي لاتخاذ ما يلزم. وقال وزير الخارجية عمر قمر الدين إن السودان دفع باشتراطات لدولة جنوب أفريقيا، رئيس الاتحاد الأفريقي للدورة الحالية، للعودة إلى مفاوضات ذات جدوى.
ومن جانبه، عد وزير الري السوداني، ياسر عباس، مواصلة إثيوبيا عملية ملء السد، دون اتفاق، خرقاً للقانون الدولي، وأنها تشكل تهديداً مباشراً لتشغيل سد الروصيرص، وتهديداً للمواطنين الذين يسكنون خلفه. وتقدم السودان باحتجاج شديد اللهجة لإثيوبيا والاتحاد الأفريقي، بشأن عزم إثيوبيا على الاستمرار في الملء للعام الثاني في يوليو (تموز) المقبل، بمقدار 13 مليار متر مكعب. وجدد وزير الري السوداني ترحيب بلاده بمسودة الاتفاق الأولية التي أعدها الخبراء، مطالباً بأن تكون هناك مرجعية واضحة حول الخطوة التالية.
وكان وفد التفاوض السوداني قد اقترح أن تبدي الدول ملاحظاتها على المسودة في اجتماعات ثنائية مع الخبراء، ليتمكنوا من إعداد الصورة الثانية للمسودة. وتتزايد مخاوف السودان من مخاطر محتملة على سلامة «سد الروصيرص» الذي يبعد نحو 100 كيلومتر عن «سد النهضة».
في غضون ذلك، وضع الإخفاق المتكرر لمفاوضات «سد النهضة» تساؤلات بشأن البدائل المتاحة أمام مصر والسودان لإرغام إثيوبيا على توقيع اتفاق قانوني ينظم آليات تشغيل وملء السد الذي تقيمه على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير مخاوف من تأثيره على حصتيهما في المياه. ويرعى الاتحاد الأفريقي، برئاسة جنوب أفريقيا، المفاوضات منذ يوليو (تموز) الماضي، لكنه فشل في الوصول إلى توافق.
وعقب اجتماع «سداسي» لوزراء الخارجية والمياه في مصر وإثيوبيا والسودان، أمس، أعربت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا عن أسفها لوصول المفاوضات إلى «طريق مسدود»، وعدم تحقيق الاختراق المأمول. وذكرت أنها سوف ترفع تقريراً إلى الرئيس سيريل رامافوزا، رئيس جمهورية جنوب أفريقيا، للنظر في الإجراءات التي يمكن اتخاذها للتعامل مع هذه القضية في الفترة المقبلة. وتضغط جنوب أفريقيا للوصول إلى حل قبل تسليمها رئاسة الاتحاد الأفريقي، في فبراير (شباط) المقبل، إلى الكونغو الديمقراطية، كي تسجل ذلك إنجازاً دبلوماسياً خلال دورتها الحالية، لكن يبدو أن الوقت لن يسعفها، الأمر الذي يفتح الباب أمام احتمالين: استكمال الكونغو الديمقراطية إدارة المفاوضات، أو العودة مرة أخرى إلى مجلس الأمن.
وسبق أن وجهت القاهرة، في مايو (أيار) الماضي، خطاباً إلى مجلس الأمن، طالبت فيه بممارسة مسؤولياته في الحفاظ على الأمن والسلم، إلا أن المجلس قرر منح الاتحاد الأفريقي الفرصة لحل النزاع. ويرى الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الري الأسبق، أن مصر أثبتت أمام العالم جديتها في استكمال العملية التفاوضية، وإعطاء الفرصة للاتحاد الأفريقي للوصول إلى حل، لكن الجميع أدرك أن إثيوبيا ليس لديها الرغبة في توقيع اتفاق مُلزم، متوقعاً منح الكونغو الديمقراطية الفرصة، أو اللجوء مرة أخرى لمجلس الـأمن لإصدار قرار سياسي، حال التأكد من عدم جدوى الاستمرار في المسار الأفريقي.
وبحسب الخارجية المصرية، فإن الرفض المصري للمقترح السوداني يأتي «تأكيداً لملكية الدول الثلاث للعملية التفاوضية، وللحفاظ على حقها في صياغة نصوص وأحكام اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة».
ودعا علام، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، مصر والسودان إلى توحيد موقفهما، خاصة أن المصالح بين الدولتين مشتركة. وفي السياق ذاته، يرى الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والمواد المائية بجامعة القاهرة، أنه حان الوقت لتوحيد الرؤية المصرية – السودانية للتوجه إلى مجلس الأمن، ومطالبة إثيوبيا بعدم اتخاذ أي تدابير من شأنها تعلية الممر الأوسط والتخزين للمرة الثانية حتى يتم الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل.