قلم الإرادة

حرب المياه على ضفاف النيل

حرب المياه على ضفاف النيل حلم إسرائيلي يتحقق هو كتاب ألفه عمر أحمد فضل الله المؤلف السوداني في تشرين الأول 2013م يعرض أزمة مياه النيل الحالية وما يمكن أن يترتب عليها من أخطار ومهددات لدول حوض النيل والمنطقة بأسرها في حال تفاقمها.

أثيوبيا من أغنى دول أفريقيا بالموارد المائية السطحية والجوفية، ومن أهم دول منابع نهر النيل، وقد ظهر فى الآونة الأخيرة أزمة مع البدء فى ملء خزان السد متجاهلة الحقوق التاريخية والقانونية لدول المصب (مصر والسودان).

وتعود فكرة إنشاء السد إلى فترة بدايات الصراع العربي الإسرائيلي عندما طلبت أثيوبيا من المكتب الأمريكي لاستصلاح الأراضي بإعداد دراسة عن كافة المشاريع المائية التنموية التى تفيد فى أعمال الري، وتوليد الطاقة، واستغلت سوء العلاقات المصرية الأمريكية فى تلك الفترة، وقد قام المكتب بدراسة موسعة انتهي منها فى عام 1964، ونشر نتائجها فى 17 مجلداً، أشارت إلى إمكانية إقامة 33 سد فى أثيوبيا، إلا أن التكاليف الباهظة حالت دون بناء السدود الكبيرة، ومن بينها سد النهضة إسرائيل كان لها دور غير مباشر فى دراسة المشروعات الأثيوبية عن طريق مؤسسات الاستراتيجية الأمريكية، وتشجيع الشركات الأمريكية الواقعة تحت تأثير اليهود لتنفيذ تلك المشاريع.
وعلى الرغم من المحاولات المتكررة لبناء السد، إلا أنها باءت بالفشل بسبب تدهور الأوضاع الداخلية فى أثيوبيا بشكل مستمر، وحروبها الطاحنة مع جيرانها، وفي عام 2011م شرعت أثيوبيا فى بناء السد، ساعد على ذلك الثورة فى مصر، واضطراب الأوضاع الداخلية، بالإضافة إلى توفير أغلب  التمويل المالي اللازم للمشروع عبر تمويل دولي، فتأتي الصين على رأس الدول الممولة للمشروع، بجانب شركات دولية وأوروبية وتشارك إسرائيل بشكل غير معلن فى تمويل السد عبر تقديم الدعم المالي، والاستشارات الفنية.

ومع انتهاء أثيوبيا من بناء السد أعلنت أثيوبيا عزمها على البدء فى ملء خزان السد دون الاتفاق مع مصر والسودان، وهذا ما أثار غضباً كبيراً ، وهما دولتا المصب النهائي لسد النهضة الإثيوبي الكبير، حيث لم يتم الاتفاق بعد على الجدول الزمني لملئه في المفاوضات التي وصلت إلى طريق مسدود، وتتفاقم الأزمة بشكل كبير خاصة بعد أن أظهرت صور الأقمار الاصطناعية التي التقطت بين 27 يونيو و12 يوليو 2020 زيادة مطردة في كمية المياه التي يحتجزها السد.

وتشعر مصر التي تعتمد بشكل شبه كامل على النيل في احتياجاتها المائية بالقلق، وتخشى ألا تضمن الحصول على كمية المياه التي اعتادت الحصول عليها في معظم السنوات التي سيتم خلالها ملء بحيرة السد، وفي السنوات التي يكون فيها معدل الأمطار عاديا أو فوق المتوسط لا يتوقع أن تكون هناك مشكلة، ولكن مصر قلقة بشأن ما قد يحدث خلال فترات الجفاف الطويلة التي يمكن أن تستمر لعدة سنوات، وتظل إثيوبيا متحفظة برقم معين لكمية المياه التي يجب مرورها بعد انتهاء مرحلة ملء الخزان وتشغيل السد بالكامل، والذي سيصبح أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في أفريقيا.

وإذا لم يتم حل هذه المشكلة في أقرب وقت، فربما تندلع حرب مياه في أفريقيا لا تحمد عقباها.

ومن الذي يتحكم في مياه النيل وهل يحق لأي دولة القيام بعمل انفرادي في أي رافد من روافد نهر النيل دون الرجوع للدول الأخرى؟ وهل حرب المياه مجرد دعاية إعلامية تهويلية ومبالغ فيها أم أنها حرب حقيقية بدأت بالفعل منذ زمان؟

••

شباب عبد الله الهاجري – كاتب في صحيفة الإرادة

Twitter: @ALrashedshbabb

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى