قلم الإرادة

التطوع ليس مجاناً

أسعى في هذا المقال إلى توضيح العمل التطوعي من زاوية أخرى، وآليات الدفع لزيادة دافعية المتطوعين، وتشيجع الشباب على التطوع في مختلف الميادين، كما أود أن أشير إلى المساوئ التي تهدم التطوع في نفوس الشباب والتي عادة تكون عن غير قصد وقلة خبرة وانعدام الوعي المؤسسي.

وجرى العرف بأن التطوع هو “العمل من غير مقابل مادي” وهنا نشرح هذا التعريف بعد أن شوه استخدامه واستغل بطريقة غير مناسبة، حيث يعتبر (المشاركة بالجهد البدني أو المساهمة بالخبرة اللازمة لدور محددة) فالتطوع محدود بموضوع معين يقوم فيه الإنسان بتقديم جهد أو خبرة في اتجاه معين وبوقت معين، وهذا الشرط يتحقق بتوفير الامتيازات من قبل الجهة الراعية للتطوع إلى مستحقيها وهم المتطوعون مثل ضمان المواصلات، توفير مكان للإقامة والاعاشة، توفير الألبسة الخاصه للتطوع، وإذ لم تستطع الجهة توفير ما سبق، وجب عليها أن تقدم دعم مادي رمزي للمتطوع حتى يقوم بأعماله المنوطه فيه بكفاءة ومسؤولية، وهذه المبادئ سبق وأن استحسنت من قبل المحكمين في المنتدى الفكري الرابع لشباب دول مجلس التعاون في الرياض بالمملكة العربية السعودية عام ٢٠١٣.

والمشكلة تأتي بعد هذا التعريف، حيث تقوم الجهات الحكومية بفتح باب التطوع وخاصة في أوقات الأزمات، دون تهيئة الشباب بالقدر الكافي من الدورات في التعامل مع المجتمع وخاصة بالأوقات الأستثنائية مثل جائحة كوفيد١٩، وقلة بنود الدعم المالي مما يترتب عليه هجر الشباب للتطوع وعوف خدمة المجتمع، وخاصة أننا نعيش في بلد حباه الله تعالى بوفرة مالية ضخمة.

فالتجارب الماضية خلقت دروس للحاضر وتنبؤات للمستقبل، فمن غير المعقول يتم تكليف المتطوع بمهمة في مكان بعيد عن منزله ولايتم توفير المواصلات له، ومن الظلم أن يتم استغلال اندفاع الشباب المتطوع في خدمة بلدة وجعله يدفع النفقات من حسابه الشخصي مثل مصروفات البدل الرسمية . بالإضافة إلى ذلك غياب الوثيقة الهامة وهي “العقد بين المتطوع والجهة الراعية للتطوع” والتي تعتبر خارطة الطريق في تحديد المهمات والواجبات وحقوق المتطوع والتزاماتة وأهداف الجهة الراعية، ومن دون هذه الوثيقة يكون العمل التطوعي ناقص ويشوبه الاجتهادات الشخصية والتي أحياناً تنحرف عن المسار السليم للتطوع، مما أدى إلى قلة من الممارسات الغير أخلاقية مثل اعتداءات على الجمهور والمستضعفين والتي شهدناها خلال شهر رمضان المبارك. وغياب هذا العنصر الخطير كفيل بتدمير العمل التطوعي في نفوس الشباب.

ومن هنا وجب علينا تقديم بعض التوصيات للجهات الراعية للعمل التطوعي في دولة الكويت، والتي من شأنها الارتقاء بالتطوع ومنها:
كتابة بطاقة تعريفية للعمل التطوعي والمهام الواجبات للمتطوع.
إصدار تشريع يجرم من يقوم بالاستهزاء والتقليل من جهود المتطوعين في الأزمات.
الحرص على أهمية وجود وثيقة للعمل التطوعي يطلع عليها المتطوع ويتعرف على أهداف ومبادئ التطوع وواجباته ومسؤوليات.
رعاية المتطوع عبر توفير الدورات والورش التي تصقل من أدائه ومهاراته وتجعله عضو فاعل في المجتمع.
التوعية من قبل أجهزة الإعلام بأن الدور الذي يقوم به المتطوع وهو خدمة مساندة للصفوف الأمامية ودوره اساسي في الحلقة الخدمية للمجتمع.
بناء سياسة عامة للتطوع تجمع المتطوعين مع المجتمع المدني والجهات الحكومية ذات الشأن لتطوير المنظومة التطوعية،لتواكب العمل التطوعي الدولي.
تكريم المتطوعون بشكل يعكس اهتمام الدولة ورعايتها للشباب، مما يؤدي إلى تحفيز الشباب للتطوع بالمستقبل.

والخلاصة أن ماقام به المتطوعون في الكويت جهود جبارة تجاه المجتمع الكويتي، حيث خاطرو بحياتهم وبأسرهم من جانب، وتعرضو للتنمر من جانب ثاني ، وأهمل جهودهم من مستحقي المكافآت المالية المجزية من جانب آخر.

••
دهام الدهام – ناشط شبابي

Twitter: @dahaam01

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى