“صفقة القرن” فُرصة تاريخية.. أم خدعة دولية؟

إذا كنت مسيطر على “واقع جغرافي” وتمتلك أعظم “أداة ردع” للمحافظة على ذلك الواقع “كالسلاح النووي” فما الذي يدفعك للتنازل عن جزء من “جغرافية سيطرتك” لمن لا يمتلك أي فرصة عسكرية اليوم لأخذها منك؟
يوعز البعض ذلك إلى عجز الإسرائيليين عن “ملئ الفراغ” لذلك قدموا شيء أقل من “طموح 67م” ليكسبوا الاستقرار في باقي واقعهم الجغرافي المملوء.
إلّا أن هذا الإيعاز يبقى “تسطيح مُتكلّف” لدوافع “صفقة القرن” حيث أن الصراع العربي/ الإسرائيلي والذي امتدّ مؤخراً إلى صراع إسلامي/ إسرائيلي يظل صراع بين “قوى إقليمية” ميزانها العسكري مختل، ومن ورائها “أحلاف دولية” غير متكافئة، وذلك يضمن للأقوى في هذه المعادلة “ملئ الفراغ الذي يشاء وقتما شاء” وشواهد التاريخ تؤكد ذلك.
إذن لماذا يقدم الإسرائيليون التنازل عن ما يمكنهم السيطرة عليه؟؟
لأن ضامنهم الدولي ممثلاً بالإدارة الأميركية تعتقد على لسان الـCIA الأميركي في تقريرهم المنشور في يناير 2017م أن النظام العالمي بدأ يخرج عن سيطرة الأحادية الأميركية، وما هي إلّا “خمسة سنوات” من اليوم ونصبح تحت مظلّة نظام عالمي ثنائي إن لم يكن متعدد القطبية، وما هو معلوم أن تحول موازين القوى الدولية ينعكس بشكل طبيعي على الصراعات الإقليمية التي منها الصراع الإسلامي/ الإسرائيلي وسيغيّر عناصر جوهرية تؤثر في موازين قوى طرفي الصراع، ويمكنني هنا أن أستحضر بعض مظاهر الإختلال المحتملة في حال تحول النظام العالمي من منظور الطرف الإسرائيلي الذي بادر بتنازله في “صفقة القرن”:
١- فقدان ميزة الحليف الدولي المتفوق، والاضطرار لمقارعة خصم قد يمتلك أحلاف دولية متكافئة.
٢- رغبة الأقطاب الدولية المتنافسة بـ”معايرة ومقايسة” قوى بعضها البعض بشكل متكرر سيجعلها تمرر أفضل التقنيات العسكرية لوكيلها العربي أو الإسلامي، مما سيردم فجوة التفوق التقني العسكري الإسرائيلي إقليمياً.
٣- قد يحصل الطرف العربي المناهض لإسرائيل بفضل حليفه الدولي على حاضنة نووية تتسرب منها مع تطور الأحداث “تقنية نووية عسكرية”.
وختاماً نعتقد أن التنازل الاسرائيلي المعروض في “صفقة القرن” هدفه الاستفادة من الوضع الحالي وعقد “اتفاق السلام” وفقاً لواقع التفوق الاسرائيلي، وذلك قبل انعكاس آثار تحول النظام العالمي على معادلة الصراع العربي/الإسرائيلي، وفقدان عناصر التفوق مما سيكلف بالتوازي فقدان استقرار الواقع الإسرائيلي بالتالي الاضطرار إلى عقد اتفاق سلام بصيغة تكتب على غير الشروط الإسرائيلية.
••
عبدالله خالد الغانم – كاتب في صحيفة الإرادة
Twitter: @akalghanim11