قلم الإرادة

لا شيء

أحياناً تكتب لأنك بحاجة تامة إلى الكتابة، لا تعرف عمّاذا تكتب وإلى ماذا تشير، وهكذا دائماً ما تكون الروايات، ولأن الروايات هي الأكثر قراءة فيجب أنْ نعرف أسباب ذلك، الرواية هي فضيحة روح كاتبها، فكل كاتب تعرف مدارك عقله من رواياته، وهكذا حتى المقالات التي تكتبها ببعثرة تامة، بلا ترتيب للأفكار، ستجد نفسك تكتب حتى تنتهي. الكتابة كل الراحة من العبث الداخلي، فكلنا لدينا من الحطام الداخلي ما يكفينا، والعقلاء يجدون في قراءة الحطام روائع أجمل من المجاملات في المقاهي والمطاعم والتي تبتدئ بـ «كيف حالك» وتنتهي بسؤال ليس له معنى، ووداع زائف، وضياع للوقت، لذلك العقلاء يجدون في القراءة والعزلة أنفسهم؛ لأنهم يبحثون عن الصدق، ذلك الصدق الذي تراه أحياناً ولا تستطيع أنْ تتفوه به، فليس كل ما نراه حقيقةً يجب أنْ نتحدث به.

ما زالت الوحدة هي أجمل محطّاتي، وعلى الرغم من كل ما أتمتع به من علاقات ممتدة إلى أكثر من 6000 رقم في هاتفي، وأكثر من 500 محادثة «واتس اب» يومياً، إلا أني أجدني وحيداً دائماً، أبحث عن ذاتي بعد نهاية كل المحطات اليومية، وتأخذني القراءة التي تنهي يومي نوماً، وبكل حقيقة فإنني ألخص قراءة الأشخاص الذين مرّوا في يومي كل مرة، وأعيد تقيمهم مجدداً، لربما من عيوبي التفاصيل الصغيرة، فأنا أبحث عن كل التفاصيل، فلا لذة للأشياء بلا تفاصيلها الصغيرة، لماذا كل هذا الجمال؟ ولمَ كل هذه القسوة؟ لماذا هذا يتصل للسؤال؟ وذلك لا يتصل إلا عند الاحتياج؟ وكيف يغيب الذي تجمعني به صداقة الأعوام شهراً وكأنني لم أكن؟ وكيف لذلك يريدك أنْ تهتم وهو لا يهتم؟ وكيف لهذا الذي يحدّثك عن مشروع تجاري غايته سرقتك! وذاك الذي يقول لك «أحبك في الله» وهو لا يريد منك شيئاً! وكيف وبكل وجع لهذه المتزوجة تصارحك بحبها وهي ترتجف فتجيبها كما أجاب يوسف امرأة العزيز، وقد لا يكون ذلك تديناً زائداً وإنما مروءة عربية، وعفّة مبدئية، ثم تمضي وكأنك لم تسمع شيء! وكيف لذلك الذي يبحث عن تفاصيلك ولديك كافة البرمجيات الخاصة التي تدّلك عليه، وماذا يريد؟ ولماذا يخصص وقته لتفاصيلك أنت بالذات؟ وكيف لهذا المتدين الذي يرسل لك مقاطعاً لا تمت لتدينه في «الواتس اب» وذلك الذي لا تعرفه ويفضفض لك مشاكله الدنيوية، ثم تمضي وكأنك لم تقرأ شيء، وكيف لذلك الذي يبتسم دائماً لك ويظلمك في غيابك؟!

حقيقة؛ لقد كتبت ذلك دون معرفة عنوان لهذه المقالة وبكل شفافية، لذلك سأطلق اسملا شيءعلى هذه المقالة، تصبحون على خير.

••

محمد العراده – رئيس التحرير

Twitter: @malaradah

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى