قلم الإرادة

التّلويح بالعجز .. له مآرب أخرى

العجز الافتراضي لا يعبر عن حقيقية الوضع المالي للدولة، وذلك لعدة أسباب:

أولاً:  لم تحتسب معالي وزير المالية كامل روافد الدولة المالية (كالصناديق السيادية ومالية وأملاك مؤسسات الدولة داخليًا وخارجيًا) علماً بأن إجمالي قيمة الاستثمارات الخارجية فقط تعدت ٦٣٠ مليار دولار بمتوسط عائد سنوي وصل لـ٦٪؜ ، يعني هناك ( ٣٧ مليار دولار / ١١ مليار دك) تقريباً لم تحتسبها معالي وزير المالية في “فرضيتها المنشورة”.

ثانياً: افترضت معالي وزير المالية أن متوسط سعر برميل النفط الكويتي سيكون “٥٥ دولار” بينما كان متوسط سعر النفط الكويتي في ٢٠١٩م “٦٤ دولار” والمؤشرات الفنية والموضوعية تشير باتجاه أرجحية صعود النفط في ٢٠٢٠م لسعر متوسط أعلى من متوسط ٢٠١٩م، وهذه بعض المؤشرات:
١-اتفاق “أوبيك پلس” خلال الربع الأول مع تعميق خفض الإنتاج.
‏٢-خفض معدل زيادة انتاج النفط الصخري.
‏٣-تحسن على الطلب النفطي “الصين”.
‏٤-بعض مناطق الإنتاج الرئيسية تعاني من مشاكل.

جدير بالذكر أن أقل جهة دولية معتبرة قدرت أن متوسط سعر البرميل في ٢٠٢٠م سيكون ٦٣ دولار أي أكثر بـ٨ دولار من تقدير معالي الوزيرة، وفي ما يلي بعض التقديرات المعتبرة والمتحفظة:

أ) بنك “مورغان ستانلي” يقول متوقع ان يصل قيمة البرميل لـ٦٠ دولار في النصف الثاني، بمعنى النصف الاول كله فوق ٦٠ دولار، ما يعني ان المتوسط العام لسنة ٢٠٢٠م سيكون اعلا من ٦٠ دولار.

‏ب) بنك “غولدن ساكس” يتوقع ان يكون متوسط سعر البرميل طوال ٢٠٢٠م بقيمة ٦٣ دولار.

‏ج) مصرف “ميرل لينش” يتوقع متوسط قيمة البرميل طوال ٢٠٢٠م ” ٧٠ دولار “.

ثالثاً) احتسبت الوزيرة قيمة العجز المتوقع بعد اقتطاع مبلغ ادخاري لصندوق الأجيال بنسبة ٢٥٪؜ من اجمالي الإيراد النفطي المتوقع بمعنى سيكون مبلغ الحسم بناء على سعر برميل النفط الذي افترضته الوزيرة هو ( ١٣.٣ مليار دولار)
أي ما يقارب نصف قيمة العجز الافتراضي، والسؤال كيف احتسبت وزيرة المالية حسم مبلغ ادخاري افتراضي لصندوق الأجيال والإيراد لا يغطي المصروفات؟ كيف افترضت ادخار من إيراد
لا يوجد به فائض بناء على تقديرها؟

هل غرض معالي الوزيرة فقط تضخيم رقم العجز الافتراضي؟؟ وإذا كان هذا غرضها فما هي بواعثها التي دعتها لتسويق عجز افتراضي غير حقيقي؟؟
قد يكون من الحكيم تسويق فكرة “عجز الميزانية” لإرسال رسائل خارجية في خضم التوترات الاقليمية التي قد تجعل اميركا “مُتطلبة مالياً” من الدول الحليفة في الإقليم -ونحن أحدها- لتخفف اميركا الأعباء المالية عليها وتوزع جزء منها على الحلفاء وهو ما كان يسوّقه ترامب في حملته الانتخابية وحتى بعد رئاسته بتكرير قوله: “أمن دول الخليج لن يكون مجاني”..

ولكن بنفس الوقت لن يكون من الحكيم داخلياً إرسال مثل هذه الرسائل واثارة حنق الشارع في الوقت الذي تقتضي فيه المصلحة العامة تهدئة الشارع وتصفير المشكلات الداخلية الممكن تصفيرها لتوحيد الصف الداخلي وتأميله بنهج جديد يحمله للثقة في الإدارة الحكومية الجديدة، وهو ما يحتاجه الداخل ليكون سلوكه العام عوناً لسياسات تجنيب الكويت آثار تداعيات التوترات الاقليمية وتحجيم آثارها الجانبية علينا.

وختاماً رسالتي لمعالي وزير المالية:
شوية حكمة كفيلة بعدم تجرأك على إعلان عجز افتراضي في خضم الظروف الإقليمية والمحلية.

••

عبدالله خالد الغانم – كاتب في صحيفة الإرادة

Twitter: @akalghanim11

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى