قلم الإرادة

كراكيب!

عاشت أسرة كولير في نيويورك في رفاهية وقوة مادية قوية، داخل بناية فخمة من أربعة طوابق  وتلقى كلا الولدين تعليماً ممتازاً بسبب الحالة المادية القوية للعائلة، حيث حصل الأخوين (هومر ولنجلي) على شهادات مهمة من جامعة كولومبيا.

بعدها توفي والديهما تاركين لهما ثروة والبناية الراقية ليعيشوا فيها، عاشا الأخوين براحة ورفاهية لمدة طويلة، قبل أن يصاب الأخ الأكبر (هومر) بالعمى مما جعل أخوه (لنجلي) يعتزل الحياة الاجتماعية للعناية بأخيه؛ بل اختار الأخوين أن ينسحبا من الحياة الاجتماعية بشكل كلي لأسباب عديدة، خصوصاً بعد تعرضهما لمحاولات سرقة لبعض اللصوص حين أدركا أنهما لوحدهما وأن أحد الأخوين أعمى مستغلين ضعفهم، حيث اعتمد (لنجلي) على مهاراته بالهندسة ليبني متاهة من الفخاخ من الممرات والأبواب ومداخل البناية، بهدف إعاقة أي أحد يحاول السطو عليهما، وكان (لنجلي) مصاباً بمرض (جنون الارتياب فكان يخرج بليل فقط تجنباً من مصادقة أو مصادفة أي أحد من الخارج فكان يبحث ما يمكن أكله من أكوام القمامة مرتدياً ملابس مهترئة لتمويه اللصوص، مما جعل البناية الجميلة إلى مكب للنفايات ومليئة بالفخاخ والقذارة!

وبعد فترة تلقت الشرطة مكالمة هاتفية من مجهول، يشتكي من رائحة عفنه تخرج من تلك البناية، فتم إرسال شرطي لاستكشاف المكان وبعد ساعات من الحفر والتنقيب تم العثور على جثة الأخ الأكبر (هومر) الذي لقى حتفه ميتاً بسبب الجوعلكن (لنجلي) لم يكن موجود فظن البعض بأنه هرب تاركاً أخاه يموت جوعاً،  فتم دفن (هومربحضور عدد قليل جداً من الأشخاص دون شقيقه!

وبعد أيام من العمل تم إخراج حوالي أطنان من القمامة، وجدت ليتم العثور على جثة (لنجلي) تحت أكوام من الصحف القديمة، النظريات الأولية أثبتت أن (لنجلي) كان بصدد إحضار الطعام لأخيه كعادته، حين تعثر دون قصد في أحدالأفخاخ الكثيرة التي عدها وصنعها بنفسه ليختنق تحت أطنان القمامة! يموت شقيقه (هومر) جوعاً منتظراً أخاه (لنجلي) ليغيثه!

الإفراط في تكديس الأشياء وعدم رميها والتخلص من التالف أو غير الضروري أو الاعتقاد بأن سأحتاجها بيوم من الأيام هي حالة نفسية تسمىبالاكتناز القهري“، وتستخدم كلمة الكراكيب تعني أشياء قديمة غالباً لا تكون ذات قيمة وتقول كان المكان مزدحماً بالكراكيب ونقولها بالعاميةالدثرة”.

كم هي من الأشياء التي نكتنزها ونعتقد أن هذه الأغراض نادرة أو ستصبح ذات أهمية في المستقبل، وإن أحتجت كم من هذه الاكوام ستحتاجها؟ تضع الأغراض فوق بعضها البعض وعندما تفتش تجد أوراق وأكياس ومنتجات للاستخدام قد انتهت ولم تستفد منها، أغراض جديدة اشتريتها وركنتها ومع الزمن نسيت استعمالها كلفت الأموال ولن تستعملها، خسارة الأموال وتكديس وعدم الاستخدام، وهناك من يشعر بالأمان بوجود هذه الأغراض بجانبه وعدم الرغبة في التخلص منها حتى ولم يستخدمها، عند الانتقال من سكن إلى آخر أو عند تجديد المنزل تجد الكثير من يعاني ويكون عليه مجهود إضافي فقط من أجل الترتيب لهذه (الدثرة).

جرب ألا تشتري إلا ما تحتاجه وستستخدمه على الفور، جدد وتصدق بما عندك من المحتويات، ستجد الكثير من الراحة ووفرت المكان والمال.

••

عبد العزيز الدويسان – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية

Twitter: @aziz_alduwaisan

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى