سؤال طرحته على نفسي

طَرَحْتُ عليَّ نفسي سُؤال؟ لماذا أكتبُ؟ ولمن؟ فظَلِلْتُ مُتأمِّلاً هذا السؤالَ الذي حيرني في بادء الأمر، منتظراً تَقدَّمَ الليلِ وهدوءَ الضجيجِ الذي حولي؛ كي أجد له إجابة بكل صراحة فوقَ بياض هذه الورقةِ، بتطويلٍ غيرِ مُملٍّ، وتقصيرٍ غيرِ مُخلٍّ، فكانَ لي ما أردتُ.
فأنا مُنذ بداءت الكتابة، وأنا أكتبُ ما أشعرُ به ولا أبالي بأحدٍ سوى خالقي، لا أذكر في يومٍ من الأيام أنني كتبتُ شيئًا لأرضاء سيد من الأسياد، أو مجاملةً لمسؤول، أو طلباً للمال والجاه والتكسُّبِ، وما إلى ذلك من هذه الخصالِ التي لا أحبها لنفسي ولا لغيري من الذين رضوا بأن يكونوا من أهل هذه الحِرفة – حرفةِ الكتابة- ولا أذكرُ أيضاً أنني كتبتُ حرفًا أدعو فيه إلى حزبية مقيتَة، أو جماعة ضيِّقة الأفق لا ترى إلا نفسَها وشعاراتِها البراقةَ، بل كنتُ دائماً ضد هذه الانتماءات الباطلة التي فرَّقت الدِّين، وسفَّهت أحلام المسلمين، وكانت مِن أسباب تَخلُّفهم، فأنا بحمد الله أعرفُ قيمةَ الكلمة، وخطورتها، وتأثيرَها على النفوس البشرية، وأن القلمَ سلاحٌ ذو حدَّين، فإما أن تسقيَ به قراءَك عسلاً مُصفَّى، أو سمًّا زُعافًا، لذلك فأنا لا أكتبُ في شيء لا أُحسِنه؛ حتى لا أكونَ سبباً في ضياعِ مَن تَصلُهم كلماتي ومقالاتي وخواطري، ودوماً أجعل هذه المقولة نَصْبَ عيني: “ومن تكلم في غير فنه أتى بهذه العجائب”، وما أكثرَ أصحابَ العجائب في هذا الزمان، ولعل الكوارثَ والأزماتِ الفظيعةَ التي يغرق فيها العالم سببها المتكلمون في غير فنهم.
ثم إنَّني لا أكتبُ لأرى اسمِي مُرفرفاً على غلافِ مجلة، أو جِلْدةِ كتابٍ أنيقٍ يَسُر الناظرين، كلا لم تكن هذه غايتي في يوم من الأيام، لأنني بحمد الله أعرفُ قدْرَ نفسي، واسمي لن يقدم أو يؤخر شيئاً في هذا العالم ولو كُتب بماء الذهب أو الفضَّة، وحتى لو عُرضَ في واجهة زجاجية لامعة، فما قيمتُه إن لم يكن مضمونه رسالة سامية بمبادئ إسلامية تنتفِع بها الإنسانية جمعاء؟!
فكلمة يخطها قلمي، فتصل إلى 10 قرُاء جادٍّين فيَنفعهم الله بها، ويعملون بمقتضاها أحبُّ إليَّ مِن كتابٍ مطبوع باسمي يظلُّ رهين الرفوف والرطوبة في مكتباتنا العربية.
فالكتابة باختصار في عُرفي: أمانة ورسالة، وتعبير عن الحياة أو بعضها، بعبارة جميلة وواضحة ونافعة، يجد فيها القارئ نفسَه، يحب من خلالها لغتَه، لا أبيع له الوهم، ولا أستطيل عليه بذكائي، ولا أبالغ في التفاؤل، ولستُ مِن عشاق الرموز والعبث والحداثة المُفرطة الكارهة لكل قديم، اكتب لنفسي ولوطني، اكتب لعل ما يسطره قلمي يجد آذاناً صاغية وعقلاً فاهماً، اكتب من أجل المستقبل الذي سيعيش به أبنائي وابنائكم بناتي وبناتكم.
••
سامي بن أورنس الشعلان – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @soalshalan
Email: [email protected]