وزارة الغباء !!
أُستحدثت في العام 1982 وزارة فريدة من نوعها فى فنزويلا سميت (بوزارة إنماء الذكاء)، يتلخص دور هذه الوزارة فى إنشاء برامج لتنمية الذكاء يوزع على وزارات الدولة لتلتزم به بدورها عند وضع خططها التنموية !!
لا أظن أن ذكاء الشعوب يحتاج إلى مشاريع يديرها القطاع العام, فالذكاء هبة تكفلت بها العناية الإلهية ويديرها قطاع خاص من الدماغ البشري سخر الله له عشرين مليار خلية عصبية تصل الليل بالنهار لتنتج حلولاً تتطابق مواصفاتها مع المواصفات القياسية للأسئلة المطروحة على مائدة الحياة.
وأظن بالمقابل أن ما نحتاج فعلاً اليه هو (وزارة لإفناء الغباء ) تختص بإصدار برامج لمحو أمية الذكاء في المجتمعات, وزارة تلاحق فكر الإقصاء الغبي ووساوس الإلغاء الأغبى وتقعد لها كل مرصد حتى تفنيها وتقضي عليها عبر سلاح الذكاء الشامل.
الذكاء والغباء توأمان خرجا من رحم عقل بشري واحد, ورضعا من صدر واقع مجتمع واحد, ورغم هذا التشابه الشكلي فمضمونهما ليس بواحد فالذكاء أتخذ نوايا الأفكار الخلاقة مطية فأوصلته إلى مأمنه، أما الغباء فاتخذته نوايا الأفكار السيئة “مطية” فأوصلها إلى قلبه وسلمها مفتاحه لتستعمره وتسلبته خيرات بشريته !!
الطرح الطائفي داخل المجتمع الواحد هو أشد انواع الغباء غباوة ويجب محاربته بضراوة فكرية قبل أن ينشر وبائه المعدي والمعتدي, والطائفي إنسان غبي بجدارة لا يحسد عليها فهو يكرر بغباء منقطع النظير غلطة من سبقه من الطائفيين والطائفيات الأحياء منهم والأموات ممن تغابوا على مر العصور فغيبهم التاريخ في هوامش “مزبلته” الشهيرة.
حاول فرعون أن يبيد موسى وقومه بجرة قلم هاماني فأباده الله وأغرقه بجرة عصا على ظهر أليم, حاول أبرهة أن يزيل الكعبة من الوجود فأزال الله جلده من على جسده ورجع يجر كعبيه مخذولاً إلى صنعاء, حاول كفار قريش اغتيال محمد صلوات الله وسلامه عليه ليتفرق دمه بين القبائل، فتجمعت عليهم القبائل يوم فتح مكة يقودها محمد صلوات الله وسلامه عليه.. وووووو الأمثلة هنا أكثر من أن ينصفها مقال !!
الاختلاف سنة الحياة المؤكدة, وسد باب الخلاف الفكري الذي تأتي منه “روح” الآخر قد ينفع مؤقتاً مع ريح “الهوى” الأعمى ولكنه لن ينفع إطلاقاً مع أعاصير الأفكار المبصرة التي لا يصمد أمامها إلا جبال الفكر الإنساني الراسيات التي لا تهزها إلا “روح” الإنسان.. ذاك الخليفة الأرضي المهيب الذى يرتل فى صلواته قول الحق سبحانه: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ).
فالح بن حجري ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @bin_hegri