العادات والمواريث القبلية

قال لينين في إحدى مذكراته بأن الاتحاد السوفياتي لن يهزم من الخارج وإنما سيهزم ويفتت من الداخل وهذا ما حصل فعلا عام 1989 عندما تفكك الاتحاد السوفياتي إلى دول ودويلات مستقلة تحت أكثر من مسمى ديني واقتصادي واجتماعي وبدأت الحروب في الشيشان والبلقان وتفككت دول وشطبت دول من خريطة العالم لنصل اليوم إلى حال دول الشرق الأوسط التي تمر بمخاض الربيع العربي، حيث بدأت مخططات غربية ومعادية ومن يدور في فلكها من الدول العربية سعيهما الجديد والمكمل لتفتيت الشرق الأوسط عبر العزف على أوتار الطائفة الدينية والقبلية، ولا ننسى إسرائيل التي تراقب من على بعد وتمسك بكل خيوط الصراع في المنطقة وتحركها بما يخدم مصالحها.
السؤال الاستراتيجي الذي يطرح نفسه لماذا في هذه الأوقات يتجه البعض إلى دعم صعود التيارات الطائفية…والنعرات القبلية؟ إن النقاشات التي دارت وتدور تدفع المرء للتساؤل… لماذا الآن تحديداً…؟ ومن يقف وراءها…؟ وأية أجندات يراد تحقيقها…؟
قبل الجواب ولقطع الطريق على أي إتهامات، نقرْ بأن حرية الرأي والنقاش مكفولة للجميع، لكن من غير المعقول والمقبول هو اللعب بالنار في مثل هذه الأوقات وفي حالة المواريث القبليه ووتر الطائفيه تحديداً.
الإعلام وسوشيال ميديا فتح الباب على مصراعيه لصنع مهاترات ملأى بالتجاوزات وحالات الخروج عن النص، حيث لا يعرف أغلب المتعاملين معها أصول وقواعد وأعراف الرسالة الإعلامية ، ومن كثرة التجاوزات التي شهدتها تلك المواقع أصبحت جديرة بتغيير مسماها إلى « فوضى الاعلام»؛ حيث لا حسيب ولا رقيب، وعدد غير قليل من روادها يسيء استخدامها ويحولها إلى أداة لبث الفتن وصنع المشكلات ولَقَد حَذَّرَنا الله عَزَّ وَجلَّ في كِتابهِ الكَريم مِن هذهِ الفِتَن ، فقالَ سٌبحانه : { وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } ، وقالَ سُبحانَه : { وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }.
ما يهمني قوله هنا أن البعض عن حسن نية أو سوئها في الغالب أو سيناريو مكتوب، يدلي بعض الإعلاميون دلوه بشكل سلبي في أحداث جانبية ويضخمها تأجيجاً لمشاعر الشارع هنا أو هناك، وهو في الغالب يعاني من نقص كبير في المعلومات أولاً، وفي الفهم في عادات وتقاليد هذه القبيلة أو تلك وأضيف أيضاً بأنه يعاني نقصاً شنيعاً في المفردات، فيتفوه بكلمات ناشزة، وعبارات منفعلة واستدعاء العواطف الأكثر حساسية.
لنتق الله في أنفسنا ومصالح أوطاننا ولنبادر صادقين إلى لم الشمل لا لتفرقة وإلى القضاء على الفتن لا لترويجها وتأجيجها.
ليكن لسانك حصانك إن صنته صانك وإن أهنته هانك يطبق المثل على ما تسطره يداك في الميديا الحديثة في شتى أشكالها.
**
سامي بن أورنس الشعلان – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @soalshalan
Email: [email protected]