قلم الإرادة

آه يا نفس

النفس البشرية مزيج من المتناقضات المتناحرة!! فما تهواه النفس يعارضه العقل!! وما في الجسد من شهوات وغرائز، يحاول العقل والقلب مجتمعين مغالبتها، غير أن طغيان الغفلة، وسطوة الإغراءات أضحى يمثلان أكبر العوامل المساعدة للشيطان في استثارة تلك الشهوات والغرائز داخل النفس، لاسيما وهو الذي يجري في العروق مجرى الدم من الجسد!! فيواجه العبد الصالح الكثير من معاناته .. ويقع العبد الطالح أسيراً لشهواته!! إذاً فكلُّ واحدٍ منا يُعاني في طيَّات نفسه – ودون أن يشعر به أحد – آثار تلك المعركة الحامية الوطيس بين جنبات نفسه صباح مساء!!

وكغيرها من المعارك، فغالباً ما تكون (سجالاً) يوم لك ويوم عليك!! الإنسان بطبيعته ليس معصوماً عن الخطأ والنفس البشرية ضعيفة تتأثر بالفتن والمغريات الدنيوية كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف فقال: ” يأتي زمان على أمتي القابض فيه على دينه كالقابض على جمرة من نار”، لذلك يجب على الإنسان أن يجاهد نفسه وشهواته وذلك يحتاج إلى عزيمة وإصرار وصدق مع الله عز وجل.

إنَّ من المتفق عليه أنَّ من أساسيات سوء النفس إهدار القيم الدينية والاجتماعية مما تسبب عنه انحطاط الأخلاق، واعتبار القوة وتقديسها إلى حدِّ العبادة، دون مراعاة للحقِّ والعدل.

لقد جاء الإسلام ليمنع هذه المفاسد، ويبني نفوس  راقية، تتفق مع رقى الإنسان الفكري، ونضوجه العقلي، فدعا إلى الإصلاح، ونهى عن الفساد في الأرض، فقرَّر أنَّ الهلاك لا يحلُّ بالأمة وهي صالحة مصلحة، تؤمن بالحقِّ وتفعل الخير. {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}. والصالحون من عباد اللَّه الذين يؤدُّون الحقَّ، ويضطلعون بالواجب، ويتحملون المسئوليات، وينهضون بالتبعات، هم أحقُّ وأولى بخيرات الأرض، والانتفاع بخيراتها، وتوزيعها على مستحقيها. {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ }.

ويخيل ً للمصلح أنَّ جهده الإصلاحي يذهب سدى، ويتبخر كما تتبخر ذرات الماء في الهواء، فأخبر اللَّه سبحانه أنَّ ذلك لمذخور لا يضيع منه شيء قال الله جل جلاله {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِين}.

والفساد طبيعة النفاق ومرض القلب، ولهذا يقول القرآن الكريم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}.

هذه هي دعوة الإسلام إلى إصلاح النفس البشرية، ونهيه عن الفساد؛ لينتظم أمر العيش، وليأمن كلٌّ على نفسه وماله وعرضه وكرامته. 

أما الدمقراطية الحرة والانحطاط الفكري والأخلاقي وأهمها الديني التي ينادي بها دعاة الحضارة المادية في هذا العصر، فهى بربرية لا تتفق مع ما حصل عليه الإنسان من رقي ملموس، ونجاح في ميادين الحياة المختلفة في ظل الإسلام فحفظ كرامة النفس البشرية رجلاً كان أم امرأة، طفلاً وشاباً أو كهلاً.

ما هو موقع الغلط في أحوالنا اليوم؟ إنهم بتعلمهم في الغرب بلغة الغرب، وبلباسهم لباس الغرب، وتقليد أعمى في الأكل والشرب، ظنُّوا أنهم أصبحوا كالغربيين؛ فانسلخوا في مظاهرهم ومخابرهم عن خصائصهم الأصلية الموروثة، فخسروها ولم يربحوا شيئاً.

شرع الله هو الحكم بما أنزل الله، أي أن تكون الشريعة الإسلامية منطلق التحكيم في جميع شؤون المسلم، كالشؤون الاجتماعية، والفكرية، والسياسية، والاقتصادية، وأن تكون الشريعة الإسلاميّة مرجعه في جميع الأمور الدنيوية.

 

حفظ الله وطننا الغالي وأعان المولى عز وجل ولاة أمرنا على الحفاظ على أمن واستقرار هذا الوطن وحمانا من مفسدين هذا العصر من داخلنا ومن خارجنا.

اللهم احفظ الإسلام والمسلمين واحفظ بلادنا من المخربين المدمرين الهدامين.

**

سامي بن أورنس الشعلان – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية

‏Twitter: @soalshalan

‏Email: [email protected]

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى