قلم الإرادة

لا مكان كالوطن ولا وطن كالكويت

لقد كان الغزو العراقي للكويت فى الثاني من أغسطس 1990م أزمة حقيقية بكل المعايير والمقاييس ومن كل الأوجه، وعلى الرغم من كل ما صدر من تحليلات لدوافع الغزو ومبرراته وما نتج عنه من آثار وتداعيات، فقد قاوم الجيش الكويتي مقاومة باسلة خلال الغزو العراقي للكويت، وجرح عدداً كبيراً من أفراده واستشهد بعضهم، لكنه بعد أن نفذت ذخيرته حافظ على وحداته واستطاع أن ينسحب بتكتيك عسكري رائع إلى أن وصل إلى أراضي المملكة العربية السعودية مع معداته، دون أن يستولي عليها العدو أو يستسلم أفراده على خلاف قوات العراقيين الغزاة الذين استسلموا بالآلاف بعد الطلقات الأولى لتحرير الكويت، وواصل الجيش الكويتي مهمته فور دخول المملكة العربية السعودية استعداداً لمعركة الثأر، ولعب الجيش الكويتي الدور الأهم فى حرب تحرير الكويت.

كما قاوم الشعب الكويتي الاحتلال بكل ما أوتى من قوة، وقدم أبناء الكويت دمائهم فداءً للوطن، ولعل قصة استشهاد الشيخ “فهد الأحمد” فى 2 أغسطس1990م هى خير دليل على ذلك، فقد رفض الشهيد الانسحاب من المعركة، وما أن وصله خبر اقتراب الجيش العراقي من قصر “دسمان” حتي بادر بالتوجه إلى القصر للمشاركة فى مواجهة العدو، وما أن وصل الشهيد إلى القصر حتي انطلقت رصاصتان من قناص عراقي باتجاه الشهيد، فأخطأت الأولى، لكن الثانية استقرت فى جسده، وأسفرت عن وفاته، لتصعد روحه الطاهرة إلى بارئها، ولم تكن هذه القصة سوى نقطة فى بحر من الحكايات التى تشهد على بطولات أبناء الكويت.

وبالرغم من جرائم الاحتلال في حق الشعب الكويتي، واستخدامه لكافة أساليب الكبت والقهر، إلا أن شعب الكويت رفض التعاون مع المعتدي، فأعلن العصيان المدني الكامل فى مواجهة كل قرارات المعتدي مما أحدث شللاً كاملاً عاق العدوان عن الإدارة المدنية للكويت وظلت بذلك فى أيدي أهلها.
كما استطاعت المقاومة الكويتية أن تخترق النطاق الأمني للعدو، وتمكنت من تزويد قوات الجيش الكويتي وحلفائه المرابطين فى السعودية بخرائط دقيقة عن مواقع العدو ومتابعة دقيقة لتحركاته، ويكفي أن يقر الجنرال “شوارزكوف” قائد قيادة المنطقة الوسطى للقوات الأمريكية والمسئول عن قيادة قوات التحالف الدولى ضد العراق أن تحديد موعد الهجوم البري ويومه وساعته إنما تم بفضل معلومات المقاومة الكويتية نتيجة مراقبتها المستمرة لتحركات العدو.

وأكثر من ذلك فقد امتدت أنشطة المقاومة إلى العمق العراقي بشهادة الوثائق العراقية التى تحدثت عن اتصالات المقاومة الكويتية مع المعارضة العراقية للقيام بعمليات فى العراق، وعن قيام المقاومة بجمع معلومات عن مقر صدام حسين وتحركاته اليومية خلال 24 ساعة، واستطاعت المقاومة وهي المحاصرة بقوات العدو فى كل ركن أن تقيم جسراً من الاتصال بين الأجانب –الذين قامت بإسكانهم فى مخابئ آمنة- ودولهم وأهلهم بالخارج، وأن تنقل رسائلهم وأن تستمع الإذاعات الكبرى إلى أصواتهم مما كان له وقع شديد التأثير على الرأي العام العالمي.

وأخيراً فإن الحديث عن ما قدمه أبناء الكويت من تضحيات ومقاومة للاحتلال لم يقتصر على الرجال فقط، بل كان للمرأة الكويتية دوراً كبيراً فى حركة المقاومة، نذكر منه دور الشهيدة “أسرار القبندي” التى التحقت بقوات المقاومة منذ الأيام الأولى للغزو، وقامت بتوصيل السلاح والمعدات إلى أفراد المقاومة، وقامت بكسر الحصار العسكري والإعلامي للقوات الاحتلال، واستمرت فى مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل حتي قامت القوات العراقية بأسرها فى نوفمبر 1990م، وبقيت فى الأسر حتي تم إعدامها فى 14 يناير 1991م، كما تشير الوثائق العراقية إلى اشتراك نساء الكويت فى عمليات خطف واغتيال للجنود العراقيين، فمعركة التحرير بدأت يوم احتلال العراق للكويت، وشارك فيها جميع الكويتيون، ولم تتوقف حتى تم تحرير كامل تراب الوطن.

 

**

شباب عبد الله الهاجري – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية

Twitter: @ALrashedshbabb

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى