قلم الإرادة

متى تسقط الأقنعة؟

كأننا في حياتنا نعيش في حفلة تنكرية كبرى ونحن لسنا من المدعوين لهذه الحفلة أو من المشاركين فيها ولكن للأسف نحن من أقمناها ورتبنا الأمور لها وكنا المؤلفين والموسيقيين والمخرجين.

ولكن المشاركين في هذا الحفل الكبير خرجوا عن النصوص وعن كل ما هو مخطط لهم وساروا بالحفل كما يريدون ويشتهون وكل واحد منهم يتصرف حسب إهدائه وما يمليه عليه ضميره وبانت حقائقهم وهم خلف الأقنعة فما عادت تلك الأقنعة خافية عن المشاهدين.

أما هذه الأقنعة فكانت من كل شكل ولون ومنها الجميل وفيها القبيح والبشع والمخيف.. وفيها صور الإنسان والحيوان والملاك والشيطان الجبار والمتواضع وكل شكل من هذه الأشكال يمثل دوراً في حياتنا السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية أما ما تخفي هذه الأقنعة وراءها فهذا هو المهم فهناك من هم أدهى من الكوارث ومن هم أسوأ خلق الله أخلاقاً وأدباً أيضاً منها من الضالعين بعالم الجريمة والرذيلة وممن يحملون الشهادات العليا بفنون السلب والنهب واللغف ومن هم الداعين إلى الطائفية والتفرقة وتقاتل الأخوة وفيه من الطامعين الجشعين الذين لا يشبعون مهما امتلأت بطونهم وجيوبهم بالمال الحرام فكانوا وجوهاً سوداء صفراء لا رحمة ولا مروءة فيها، وإلى آخر ما في هذه التسميات من الباطل والطالح والساقط في أحضان الكبائر.

ومع كل ذلك تخفي هذه الأقنعة من هم أبطال لهذه الأمة ومن يعملون بلا كلل أو ملل لخدمة وطنهم وشعبهم.. رجال عاهدوا الله على ذلك وصدقوا بوعدهم رجال يعملون بجد وهمة وإخلاص في خدمة شعبهم ووطنهم.

إن هؤلاء الأبطال يعرفهم الشعب بالأسماء والألقاب بما قدموه من خدمات جليلة لهذا الوطن ولهذا الأمة .. وإن كانت لا تكفي بالمنشود ولكن المهم أنهم جاهدوا في سبيل ذلك.

فإن أولئك الرجال من يحترمون أسماءهم وسيرتهم مشهود لهم بالأمانة والنزاهة.. عكس أولئك الذين لا يحترمون إلا الدولار وما عداه ليكن بالحضيض. إن المدة الماضية التي مرت علينا ولا زالت استطاع من خلالها أن يعرف كل من عمل لأجل الوطن ماذا فعل وماذا قدم إن كان ذلك بالسر أو العلانية؛ لأن المرحلة الماضية قد جعلت من العيون التي كانت عمياء أن تتفتح وترى ما يجري من حقائق الأمور فأصبح أبسط الناس في مجتمعنا سياسياً بالفطرة من هول ما مر به من حوادث وعقبات ومشاكل من كل شكل ولون.

فلا غرابة من أن هؤلاء الناس البسطاء قد فرزوا الأسماء التي أصبحت لديهم قناعة بأنهم أهلاً لتمثيلهم والأسماء التي سقطت من أعينهم فإنها ليست أهلاً للثقة والمسؤولية. ففي هذه الأيام وغيرها من الأيام المقبلة لابد وأن تسقط الأقنعة عن الجميع ونرى ما وراءها من وجوه بيضاء كانت أم سوداء ومن هو الصالح ومن هو الطالح ومن هو الملاك ومن هو الشيطان، وبسقوط الأقنعة سينتهي الحفل التنكري بعد الآن ولا سبيل للعودة إلى مثل ذلك الحفل الذي لم نر فيه سوى ما يؤلم القلوب.. مع أمنياتنا برجال يمثلون الأمة حقيقة ويخدمون الوطن حقيقة.

سقطت الأقنعة وبانت الوجوه والنفوس واستيقظ من كان نائماً وبالأحلامِ غارقاً فرفع يديه عالياً: لا لا لن نقبل الفاسدين ولن ندع للمفسدين سبيل، ولهذا الوطن نحن المحاربين وفي سبيله مدافعون.

**

 

سامي بن أورنس الشعلان – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية
‏Twitter: ‪@soalshalan ‬
‏
‏Email: [email protected]

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى