متاهة السوشيل ميديا

“السوشيال ميديا” فتحت الباب على مصراعيه، بسرعتها الإلكترونية، لصنع مهاترات ملأى بالتجاوزات وحالات الخروج عن النص، حيث لا يعرف أغلب المتعاملين معها أصول وقواعد وأعراف الرسالة الإعلامية. ومن كثرة التجاوزات التي شهدتها تلك المواقع أصبحت جديرة بتغيير مسماها إلى «سوشيال فوضى»؛ حيث لا حسيب ولا رقيب، وعدد غير قليل من روادها يسيء استخدامها ويحولها إلى أداة لبث الفتن وصنع المشكلات ولَقَد حَذَّرَنا الله عَزَّ وَجلَّ في كِتابهِ الكَريم مِن هذهِ الفِتَن ، فقالَ سٌبحانه: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، وقالَ سُبحانَه: { وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }.
كَما حذَّرنا مِن هذه الفِتَن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلَّم حيث قال: ( ستكونُ فِتَنٌ ، القاعِدُ فيها خيرٌ مِنَ القائِمِ ، والقائمُ فيها خيرٌ منَ الماشي ، والماشي فيها خيرٌ من الساعي ، ومَنْ يُشْرِفْ لها تَسْتَشْرِفْهُ ، ومَنْ وجد مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ ).
إنها مأساة في هذا الوقت بالغة الخطورة على أوطاننا جميعاً، ما أن تحدث حادثة دبلوماسية بها اختلاف في وجهات النظر، وهو أمر طبيعي بين الدول، حتى يندفع بعض الأفراد بحسن نية أو سوء نية لصب الزيت على النار، ومن ثم يقابلهم في الطرف الآخر لمن يرغب، مرة أخرى بحسن نية أو سوئها لاشعال الحريق،ما يهمني قوله هنا ان البعض كما قلت عن حسن نية أو سوئها، يدلي بدلوه بشكل سلبي في أحداث جانبية ويضخمها تأجيجياً لمشاعر الشارع هنا أو هناك، وهو في الغالب يعاني من نقص كبير في المعلومات أولاً، وفي الفهم السياسي للمصالح العليا ثانياً، وأضيف أيضاً بأنه يعاني نقصا شنيعاً في المفردات، فيتفوه بكلمات ناشزة، وعبارات منفعلة واستدعاء العواطف الأكثر حساسية، وكأنه صاحب القرار الأخير، أو يملك كل الحقائق أو المدافع الوحيد عن مصالح وطنه.
لقد أصبحت (السوشيال ميديا) بأشكالها المختلفة، وخاصة تويتر، هي المكان الأفضل لتفكيك لحمة العلاقات بين الدول وخاصة الجيران الأشقاء؛ بل والمجتمعية على حد سواء.
فلنبتعد عن المهاترات في السوشيال ميديا أو بالأحرى السوشيال فوضى ولنتق الله في أنفسنا ومصالح أوطاننا ولنبادر صادقين إلى لم الشمل لا لتفريقه وإلى القضاء على الفتن لا لترويجها وتأجيجها ليكن لسانك حصانك إن صنته صانك وإن أهنته هانك يطبق المثل على ما تسطره يداك في الميديا الحديثة في شتى أشكالها.
**
سامي بن أورنس الشعلان – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @soalshalan
Email: [email protected]