قلم الإرادة

إن خير من استأجرت القوي الأمين

المنصب ملك عام لخدمة الدولة وليس ملك خاص للاستغلال والانتفاع به ، وأصحاب المناصب والكراسي عليهم مسؤوليات جمة لخدمة البلاد والعباد، كم من شخص يغتر بهذا الكرسي المزخرف ويتكبر ويتجبر ويطغى ويظلم حتى يعتقد إنه مخلد ويبقى في هذا المنصب للأبد وينسى عبارة (لو دامت لغيرك ما اتصلت إليك).

مهما كان هذا المنصب صغير أو كبير فهو مسؤولية وأمانة وتأديتها على أكمل وجه، كم من شخص أعتلى المنصب بغير وجه حق على حساب غيره من هو أكفأ وأفضل وأجدر، كم من حقوق ضاعت،وضيعت الأمة “وسد الأمر لغير أهله”.

القرآن الكريم منهاج حياة ويضع أسس لجميع مناحي الحياة المختلفة ومنها الإدارة، لنتمعن في هذه الآية: “يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين” القصص 26، لماذا القوة والأمانة اشترطها الله في المناصب؟ القوة والحزم في الأمور ألا يضحك عليك أو يكذب عليك من قبل الناس ويملك الفطنة في إدارة الأمور ولا تكن يابس فتكسر ولا لين فتعصر، والقوة على تحمل المسؤولية، والأمانة للمحافظة على أموال الناس، أما قوة دون أمانة أضيعت الإدارة والأموال، والأمانة بدون قوة تضيع أمور الناس، فالذي يتولى أمور الناس ينبغي أن تكون فيه قوة ليقف في وجه المفسدين الأقوياء، وليؤدي حق الضعفاء، وليعمل ما ينبغي في خدمة صالح الناس.

عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يتابع الأمور بنفسه: لم يكن عمر يكتفي بأن يحسن اختيار عماله؛ بل كان يبذل أقصى الجهد لمتابعتهم بعد أن يتولوا أعمالهم ليطمئن على حسن سيرتهم ومخافة أن تنحرف بهم نفوسهم، وكان شعاره لهم: خير لي أن أعزل كل يوم والياً من أن أبقي ظالماً ساعة نهار، فيها من العظة والعبرة أن يكون المسؤول على عمل وحركة وديناميكية والتفقد لسير العمل.

تهمل أصحاب الخبرات والكفاءات ويتولاها من هم ليسوا أهلا لها بسبب توزيع المناصب للمنافع أو التوارث أو حسب الأهواء، فهذه آفة تؤدي إلى الانهيار والدمار للدول، وفي الختام عندما سُئل الإمام علي بن أبي طالب: ما يفسد أمر القوم يا أمير المؤمنين؟ قال: “ثلاثة وثلاثة، وضع الصغير مكان الكبير، وضع الجاهل مكان العالم، وضع التابع في القيادة”.

••

عبد العزيز الدويسان – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية

Twitter: @aziz_alduwaisan

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى