قلم الإرادة

رحل حاتم طي هذا الزمان

كثيرون يعرفون العم فيصل الغانم الدبوس (بو مشاري) الذي ارتحل بالأمس إلى رحاب الله مصحوباً بالدعاء من القريبين والبعيدين ومن كل من عرفه وعرف سجاياه التي ندر أن تجتمع في رجل واحد.

لكن البعض لا يعرف الوجه الآخر لهذا الرجل الذي حباه الله سبحانه هبة الكرم التي لا يهبها إلا للصالحين من عباده ليكونوا يده المعطاء في الدنيا، لم يكن رحمه الله يرد طالباً مهما كان طلبه بل ويتحرى المحتاجين في أي مكان ويمد إليهم المساعدة بصمت وتكتم ابتغاء مرضاة الله عز وجل الذي وعد الكريم بجنات الخلد.

وفي مجالس المغفور له بإذن الله العم أبو مشاري لم يكن يطلق العنان للسانه بغية لفت الأنظار، فقد كانت كلماته المليئة بالحكمة والمحبة تمر عبر وجدانه المشبع بالإنسانية، ورجل مثل هذا لا يعيش لنفسه بل يعيش كما أمره الله ليلبي احتياجات المعوزين وكان هذا منتهى سعادته، لدرجة أن محبيه كانوا يلقبونه بحاتم طي هذا الزمان.

كان رحمه الله يعطي دون تردد أو تباطؤ، يدرك أن مساعدة المحتاج الملهوف فزعة فرسانية قلما ترجل عن جواده وكأنه يحارب غزوات الدهر وغدراته، يطبق الحكمة القائلة “استبقوا الخيرات، وبادِروا قبل أن تتمنّوا المهلةَ وهيهاتَ هيهات، ولا تغترّوا بحياةٍ تقود إلى الممَات، لا يُرى في حُشودِها إلاّ الشتات، ولا يُسمَع في ربوعِها إلا فلانٌ مرِض وفلانٌ مات”.

لن تعطي كلمات قليلة متواضعة بو مشاري – رحمه الله – القليل من حقه، لكن الأمانة والوفاء يحتمان إماطة اللثام عن ملمح من أهم ملامح الإنسان الذي لا يغادر الدنيا الفانية إلا بعد أن يترك فيها أبناء يتحلًون بصفاته حتى يبقى ساكناً في قلوب محبيه ذكرى حميدة.

يا أبا مشاري إنا على فراقك لمحزونون وعلى فقدك بجسدك مكلومون، وعزاؤنا أننا على يقين بأن نفسك المطمئنة عادت إلى ربها راضية مرضية في جنات النعيم. وستبقى ذكراك العطرة في قلوبنا ما حيينا، فمثلك لا يُنسى وذكراه تبقى في القبول والعقول، وسيبقى دعائنا لك حق وواجب علينا.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

الشيخ فيصل الحمود المالك الصباح – مستشار في الديوان الأميري

Twitter: @faisalalsabah

مقالات ذات صلة